وَأما التاليف المقصرة عَن مَرَاتِب غَيرهَا فَلم نلتفت إِلَى ذكرهَا وَهِي عندنَا من تاليف أهل بلدنا اكطثر من ان نحيط بعلمها
وَأما علم الْكَلَام فان بِلَادنَا وان كَانَت لم تتجاذب فِيهَا الْخُصُوم وَلَا أختلفت فِيهَا النَّحْل فَقل لذَلِك تصرفهم فِي هَذَا الْبَاب فَهِيَ على كل حَال غير عرية عَنهُ وَقد كَانَ فيهم قوم يذهبون إِلَى الاعتزال نظار على اصوله وَلَهُم فِيهِ تاليف مِنْهُم خَلِيل بن اسحاق وَيحيى بن السمينة والحاجب مُوسَى بن حدير وَأَخُوهُ الْوَزير صَاحب الْمَظَالِم أَحْمد وَكَانَ داعيه إِلَى الاعتزال لَا يسْتَتر بذلك وَلنَا على مَذْهَبنَا الَّذِي تخيرناه من مَذَاهِب اصحاب الحَدِيث كتاب فِي هَذَا الْمَعْنى وَهُوَ وان كَانَ صَغِير الجرم قَلِيل عدد الْوَرق يزِيد على الْمِائَتَيْنِ زِيَادَة يسيره فعظيم الْفَائِدَة لأَنا اسقطنا فِيهِ المشاغب كلهَا واضربنا عَن التَّطْوِيل جملَة واقتصرنا على الْبَرَاهِين المنتخبة من الْمُقدمَات الصِّحَاح الراجعة إِلَى شَهَادَة الْحس وبديهة الْعقل بِالصِّحَّةِ وَلنَا فِيمَا تحققنا بِهِ تآليف جمة مِنْهَا مَا قد تمّ وَمِنْهَا مَا شَارف التَّمام وَمِنْهَا مَا قد مضى مِنْهُ صدر ويعين الله تَعَالَى على بَاقِيه لم نقصد بِهِ قصد مباهاة فنذكرها وَلَا اردنا السمعة فنسميها وَالْمرَاد بهَا رَبنَا جلّ وَجهه وَهُوَ ولي العون فِيهَا والملي بالمجازاة عَلَيْهَا وَمَا كَانَ لله تَعَالَى فسيبدو وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل
وَبَلَدنَا هَذَا على بعده من ينبوع الْعلم ونأية من محلّة الْعلمَاء فقد ذكرنَا من تآليف اهله مَا ان طلب مثلهَا بِفَارِس والاهواز وديار مُضر وديار ربيعَة واليمن وَالشَّام اعوز وجود ذَلِك على قرب الْمسَافَة فِي هَذِه الْبِلَاد من الْعرَاق الَّتِي هِيَ دَار هِجْرَة الْفَهم وَذَوِيهِ وَمُرَاد المعارف واربابها