وَكتبه اليها بعد الِافْتِرَاق لتجأوبه على عَادَتهَا فِي ذَلِك فَكتبت لَهُ مَا لايخفى فِيهِ قيمتهَا
(لعمرك ماسر الرياض بوصلنا ... وَلكنه ابدى لنا الغل والحسد)
(وَلَا صفق النَّهر ارتياحا لقربنا ... وَلَا صدح الْقمرِي الا بِمَا وجد)
(فَلَا تحسن الظَّن الَّذِي انت اهله ... فَمَا هُوَ فِي كل المواطن بِالرشد)
(فَمَا خلت هَذَا الافق ابدى نجومه ... لامر سوى كَيْمَا تكون لنا رصد)
وَأما مالقة فَأَنَّهَا قد جمعت بَين منظر الْبَحْر وَالْبر بالكروم الْمُتَّصِلَة الَّتِي لَا تكَاد ترى فِيهَا فُرْجَة لموْضِع عَابِر والبروج الَّتِي شابهت نُجُوم السَّمَاء كَثْرَة عدد وبهجة ضِيَاء وتخلل الْوَادي الرائز لَهَا فِي فَصلي الشتَاء وَالربيع فِي سرر بطحائها وتوشيحه لخصور ارجائها وَمِمَّا أختصت بِهِ من بَين سَائِر الْبِلَاد التِّين الربي الْمَنْسُوب اليها لَان اسْمهَا فِي الْقَدِيم ربة وَلَقَد أخْبرت أَنه يُبَاع فِي بَغْدَاد على جِهَة الاستطراف وَأما مَا يسفر مِنْهُ الْمُسلمُونَ وَالنَّصَارَى فِي المراكب البحرية فَأكْثر من ان يعبر عَنهُ بِمَا يحصره وَلَقَد اجتزت بهَا مرّة وَأخذت على طَرِيق السَّاحِل من سُهَيْل إِلَى ان بلغت إِلَى بليش قدر ثَلَاثَة أَيَّام مُتَعَجِّبا فِيمَا حوته هَذِه الْمسَافَة من شجر التِّين وان بَعْضهَا ليجتني جَمِيعهَا الطِّفْل الصَّغِير من لزوقها بِالْأَرْضِ وَقد حوت مَا يتعب الْجَمَاعَة كَثْرَة وتين بليش هُوَ الَّذِي قيل فِيهِ لبربري كَيفَ رَأَيْته قَالَ لَا تَسْأَلنِي عَنهُ وصب فِي حلقي بالقفة وَهُوَ لعمر الله مَعْذُور لِأَنَّهُ نعْمَة حرمت بِلَاده مِنْهَا وَقد خصت بِطيب الشَّرَاب الْحَلَال وَالْحرَام حَتَّى سَار الْمثل بِالشرابِ المالقي وَقيل لأحد الخلعاء وَقد اشرف على الْمَوْت اسال رَبك الْمَغْفِرَة فَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ يارب اسألك من جَمِيع مَا فِي الْجنَّة خمر مالقة وزبيبي اشبيلية وفيهَا تنسج الْحلَل الموشية الَّتِي تجَاوز اثمانها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute