وَصَارَ عِنْد كل قوم من الْأَحَادِيث مَا لَيْسَ عِنْد الآخرين وَهَذَا الشَّافِعِي نهى أَصْحَابه عَن تَقْلِيده ويوصيهم بترك قَوْله إِذا جَاءَ الحَدِيث بِخِلَافِهِ وَهَذَا الإِمَام أَحْمد مُنكر على من كتب فَتَاوِيهِ ودونها وَيَقُول لَا تقلدني وَلَا تقلد فلَانا وَفُلَانًا وَخذ من حَيْثُ أخذُوا انْتهى كَلَام ابْن الْقيم بِطُولِهِ
وَقَالَ فِي أَعْلَام الموقعين وَكَانَ أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى شَدِيد الْكَرَاهَة لتصنيف الْكتب وَكَانَ يحب تَجْرِيد الحَدِيث وَيكرهُ أَن يكْتب كَلَامه ويشتد عَلَيْهِ جدا فَعلم الله حسن نِيَّته وقصده فَكتب من كَلَامه وفتواه أَكثر من ثَلَاثِينَ سفرا وَجمع الْخلال نصوصه فِي الْجَامِع الْكَبِير فَبلغ عشْرين سفرا أَو أَكثر
وَكَانَت فتواه مَبْنِيَّة على خَمْسَة اصول أَحدهَا النُّصُوص فَإِذا وجد النَّص أَي الْكتاب أَو السّنة أفتى بِمُوجبِه وَلم يلْتَفت إِلَى مَا خَالفه وَلَا من خَالفه كَائِنا من كَانَ وَلِهَذَا لم يلْتَفت إِلَى خلاف عمر فِي المبتوتة لحَدِيث فَاطِمَة بنت قيس وَلَا إِلَى خِلَافه فِي التَّيَمُّم للْجنب لحَدِيث عمار بن يَاسر وَلَا خِلَافه فِي اسْتِدَامَة الْمحرم الطّيب الَّذِي تطيب بِهِ قبل إِحْرَامه لصِحَّة حَدِيث عَائِشَة فِي ذَلِك وَلَا خِلَافه فِي منع الْمُفْرد والقارن من الْفَسْخ إِلَى التَّمَتُّع لصِحَّة أَحَادِيث الْفَسْخ وَكَذَا لم يلْتَفت إِلَى قَول عَليّ وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَأبي أَيُّوب وَأبي بن كَعْب رَضِي الله عَنْهُم فِي ترك الْغسْل من الإكسال لصِحَّة حَدِيث عَائِشَة أَنَّهَا فعلته هِيَ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاغتسلا وَلم يلْتَفت إِلَى قَول ابْن عَبَّاس وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن عَليّ أَن عدَّة الْمُتَوفَّى عَنْهَا الْحَامِل أقْصَى الْأَجَليْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute