الْوَجْه الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ أَن يُقَال أَخَذْتُم بقول فلَان لِأَن فلَانا قَالَه أَو لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه فَإِن قُلْتُمْ لِأَن فلَانا قَالَه جعلتم قَول فلَان حجَّة وَهَذَا عين الْبَاطِل وَإِن قُلْتُمْ لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه كَانَ هَذَا أعظم وأقبح فَإِنَّهُ مُتَضَمّن للكذب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتقولكم عَلَيْهِ مالم يقلهُ وَهُوَ أَيْضا كذب على الْمَتْبُوع فَإِنَّهُ لم يقل هَذَا قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد دَار أَمركُم بَين أَمريْن لَا ثَالِث لَهما إِمَّا جعل قَول غير الْمَعْصُوم حجَّة وَإِمَّا تقويل الْمَعْصُوم مالم يقلهُ وَلَا بُد من وَاحِد من الْأَمريْنِ فَإِن قُلْتُمْ بل مِنْهُمَا وَبَقِي قسم ثَالِث وَهُوَ أَنا قُلْنَا كَذَا لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرنَا بِأَن نتبع من هُوَ أعلم منا ونسأل أهل الذّكر إِن كُنَّا لَا نعلم ونرد مالم نعلمهُ إِلَى استنباط أهل الْعلم فَنحْن فِي ذَلِك متبعون مَا أمرنَا بِهِ نَبينَا ص قيل وَهل ندندن إِلَّا حول أمره فَحَيَّهَلا بالموافقة على هَذَا الأَصْل الَّذِي لَا يتم الْإِيمَان وَالْإِسْلَام إِلَّا بِهِ فنناشدكم بِالَّذِي أرْسلهُ إِذا جَاءَ أمره وَجَاء قَول من قلدتموه هَل تتركون قَوْله لأَمره ص وتضربون بِهِ الْحَائِط وتحرمون الْأَخْذ بِهِ وَالْحَالة هَذِه حَتَّى تتَحَقَّق الْمُتَابَعَة كَمَا زعمتم أم تأخذون بقوله وتفوضون أَمر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الله وتقولون هُوَ أعلم بالرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منا وَلم يُخَالف هَذَا الحَدِيث إِلَّا وَهُوَ عِنْده مَنْسُوخ أَو معَارض بِمَا هُوَ أقوى مِنْهُ أَو غير صَحِيح عِنْده فتجعلون قَول الْمَتْبُوع محكما وَقَول الرَّسُول متشابها فَلَو كُنْتُم قائلين بقوله لكَون الرَّسُول أَمركُم بِالْأَخْذِ بقوله لقدمتم قَول الرَّسُول أَيْن كَانَ
ثمَّ نقُول فِي الْوَجْه الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ أَيْن أَمركُم الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأخذ قَول وَاحِد من الْأمة بِعَيْنِه وَترك قَول نَظِيره وَمن هُوَ أعلم مِنْهُ وَأقرب إِلَى الرَّسُول وَهل هَذَا إِلَّا نِسْبَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر بِمَا لم يُؤمر بِهِ قطّ
يُوضحهُ الْوَجْه الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ أَن مَا ذكرْتُمْ بِعَيْنِه حجَّة عَلَيْكُم فَإِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أمرنَا بسؤال أهل الذّكر وَالذكر هُوَ الْقُرْآن والْحَدِيث الَّذِي أَمر الله تَعَالَى نسَاء نبيه ص أَن يذكرنه بقوله {واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن من آيَات الله وَالْحكمَة} فَهَذَا هُوَ الذّكر الَّذِي أمرنَا باتباعه وَأمر من لَا علم عِنْده أَن يسْأَل أَهله وَهَذَا هُوَ الْوَاجِب على كل أحد أَن يسْأَل اهل الْعلم بِالذكر الَّذِي أنزل الله تَعَالَى على رَسُوله ليخبروا بِهِ فَإِذا أَخْبرُوهُ بِهِ لم يَسعهُ غير اتِّبَاعه وَهَكَذَا كَانَ شَأْن أَئِمَّة أهل الْعلم لم يكن لَهُم مقلد معِين يتبعونه فِي كل مَا قَالَ فَكَانَ عبد الله بن عَبَّاس يسْأَل الصَّحَابَة عَمَّا قَالَه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو فعله أَو سنه لَا يسألهم عَن غير ذَلِك وَكَذَلِكَ الصَّحَابَة كَانُوا يسْأَلُون أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ خُصُوصا عَائِشَة عَن فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيته وَكَذَلِكَ التابعون كَانُوا يسْأَلُون الصَّحَابَة عَن شَأْن نَبِيّهم ص فَقَط وَكَذَلِكَ أَئِمَّة الْفِقْه كَمَا قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي لِأَحْمَد يَا أَبَا عبد الله أَنْت أعلم بِالْحَدِيثِ مني فَإِذا صَحَّ الحَدِيث
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute