للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض الْأَئِمَّة وَعَمله بخلافة بعد ظُهُوره تقليدا لأحد أَي أحد كَانَ أخوف كَيفَ وَقد قَالَ تَعَالَى {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره أَن تصيبهم فتْنَة أَو يصيبهم عَذَاب أَلِيم}

وَقد عرفت أَن مُقْتَضى تقليدهم أَيْضا الْأَخْذ بِالْحَدِيثِ لقَولهم اتْرُكُوا قولي لخَبر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتقليدهم فِي هَذِه الصُّورَة كَمَا هُوَ ترك لخَبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ ترك لتقليدهم أَيْضا حَقِيقَة سِيمَا إِذا ظهر للْإنْسَان حَدِيث على وفْق مَذْهَب أحد من الْأَئِمَّة الْمَشْهُورين وَلم يظْهر لَهُ على وفْق مَذْهَب إِمَامه شَيْء يصلح للاعتماد عَلَيْهِ خُصُوصا إِذا ظهر مِمَّن يعْتد بتبعيتهم أَنهم مَا وجدوا شَيْئا على وفْق مَذْهَب إِمَامه يصلح للاعتماد فَحِينَئِذٍ لَيْسَ من شَأْن الْمُسلم التجمد على التَّقْلِيد فَإِن تجمد مَعَ ذَلِك فَمَا أشبهه بِمن قَالَ الله تَعَالَى فيهم {وَلَئِن أتيت الَّذين أُوتُوا الْكتاب بِكُل آيَة مَا تبعوا قبلتك} فَمن ظهر لَهُ الحَدِيث الصَّحِيح الصَّالح للاعتماد وَعلم أَن من الْأَئِمَّة من أَخذ بِهِ فليأخذ بِهِ وَلَا يمنعهُ عَن ذَلِك أَنه على مَذْهَب فلَان أَو فلَان فقد قَالَ تَعَالَى {فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} وَمن جملَة الرَّد إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَخْذ بقوله عِنْد التَّنَازُع وَقد تحقق التَّنَازُع بَين الْأَئِمَّة فَوَجَبَ الْأَخْذ بقول الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالرُّجُوع إِلَيْهِ إِذا ظهر

فَإِن قلت يَكْفِي فِي الرَّد إِلَى الله وَالرَّسُول أَن يَقُول الله وَرَسُوله أعلم

قلت مُقْتَضى هَذَا عين الرُّجُوع إِلَى قَوْلهمَا عملا إِذْ هُوَ مُقْتَضى الأعلمية وَألا يصير إِثْبَات الأعلمية بِاللِّسَانِ بِلَا عمل بقولهمَا بِمَنْزِلَة النِّفَاق وَلَيْسَ الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ فِي الْمُتَنَازع فِيهِ إِلَّا لتحكميته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك فقد وَجب فِيهِ الْأَخْذ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد قَالَ تَعَالَى {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجا مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا} فَمن تجمد على التَّقْلِيد وَأعْرض عَن اتِّبَاع قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ظُهُوره من غير مَانع لَهُ عَن الْعَمَل إِلَّا التَّقْلِيد فليحذر كل الحذر بِهَذِهِ الْآيَة وَالله تَعَالَى أعلم

قلت وَقد ظهر بِهَذَا الْبَحْث أَن مَا قيل أَن ظن الْمُقَلّد لَا عِبْرَة بِهِ فِي الْأَحْكَام وَخبر الْآحَاد لَا يُفِيد سوى الظَّن فَلَا يجوز لَهُ الْعَمَل بِهِ بَاطِل قطعا لِأَن قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ بِأَنَّهُ إِذا خَالف قَوْلنَا قَول الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخُذُوا بقول الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنَحْوه لَيْسَ فِي حق الْمُجْتَهد لعدم احْتِيَاجه فِي ذَلِك إِلَى قَوْلهم فَذَاك فِي حق الْمُقَلّد فَقَوْلهم هَذَا

<<  <   >  >>