الصحابه رَحِمهم الله تَعَالَى وَمَا أشبهه وَكَذَلِكَ مَا اخْتلفُوا فِيهِ لَا يخرج عَن جَمِيعه فاذا وَقع الِاخْتِيَار فِيهِ على قَول فَهُوَ علم نقيس عَلَيْهِ مَا أشبهه وَمَا استحسنه عَامَّة فُقَهَاء الْمُسلمين وَمَا أشبهه وَكَانَ نظيرا لَهُ وَقَالَ لَا يخرج الْعلم عَن هَذِه الْوُجُوه الْأَرْبَعَة
قَالَ أَبُو عمر قَول مُحَمَّد بن الْحسن وَمَا أشبهه يَعْنِي مَا أشبه الْكتاب وَكَذَلِكَ قَوْله فِي السّنة واجماع الصَّحَابَة يَعْنِي مَا أشبهه ذَلِك كُله فَهُوَ الْقيَاس الْمُخْتَلف فِيهِ فِي الاحكام وَمرَاده بِهِ الْقيَاس على هَذِه الْأُمُور قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن الْحسن ابْن تالويه يَقُول سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن اسحق بن خُزَيْمَة يَقُول سَمِعت أَبَا بكر الطَّبَرِيّ يَقُول سَمِعت نعيم بن حَمَّاد يَقُول سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول إِذا جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلى الرَّأْس وَالْعين وَإِذا جَاءَ عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَخْتَار من قَوْلهم وَإِذا جَاءَ عَن التَّابِعين زاحمناهم
وَقَالَ أَيْضا أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ قَالَ سَمِعت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن صَالح بن هَانِئ يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن عمر بن الْعَلَاء يَقُول سَمِعت بشر بن الْوَلِيد يَقُول قَالَ أَبُو يُوسُف لَا يحل لأحد أَن يَقُول مقالتنا حَتَّى يعلم من أَيْن قُلْنَا
قَالَ شيخ مَشَايِخنَا مُحَمَّد حَيَاة السندي اللَّازِم على كل مُسلم أَن يجْتَهد فِي معرفَة مَعَاني الْقُرْآن وتتبع الْأَحَادِيث وَفهم مَعَانِيهَا واخراج الْأَحْكَام مِنْهَا فَإِن لم يقدر فَعَلَيهِ أَن يُقَلّد الْعلمَاء من غير الْتِزَام مَذْهَب لِأَنَّهُ يشبه اتِّخَاذه نَبيا وَيَنْبَغِي لَهُ أَن يَأْخُذ بالأحوط من كل مَذْهَب وَيجوز لَهُ الْأَخْذ بالرخص عِنْد الضَّرُورَة وَأما بِدُونِهَا فَالْأَحْسَن التّرْك أما مَا أحدثه أهل زَمَاننَا من الْتِزَام مَذَاهِب مَخْصُوصَة لَا يرى وَلَا يجوز كل مِنْهُم الِانْتِقَال من مَذْهَب الى مَذْهَب فجهل وبدعة وتعسف وَقد رأيناهم يتركون الْأَحَادِيث الصِّحَاح غير المنسوخة ويتعلقون بمذاهبهم من غير سَنَد انا لله وانا اليه رَاجِعُون انْتهى
قلت وَقَوله يشبه اتخاده نَبيا ألخ بل هُوَ عين اتخاده رَبًّا على مَا تقدم فِي الْمُقدمَة عِنْد تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله} الْآيَة من حَدِيث عدي ابْن حَاتِم وَغَيره وَقد قَالَ الشَّافِعِي مَا من أحد الا وَيذْهب عَلَيْهِ سنة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتعزب عَنهُ كَمَا نَقله الْعِرَاقِيّ عَنهُ فاذا الزم نَفسه تَقْلِيد مُجْتَهد معِين وَاتفقَ أَن ذَلِك الْمُجْتَهد فَإِنَّهُ سنة دَالَّة على تَحْرِيم شئ فاجتهد فِيهِ وأحله بإجتهاده من قِيَاس أَو اسْتِحْسَان أَو غير ذَلِك وَبَلغت السّنة مُجْتَهدا غَيره فحرمه اتبَاعا للسّنة وَعلم هَذَا الْمُقَلّد السّنة الْمَذْكُورَة الدَّالَّة على تَحْرِيمه بِوَاسِطَة الْمُجْتَهد الآخر وَقد ألزم نَفسه تَقْلِيد الأول الَّذِي أحله فصمم على تَقْلِيده بتحليله مَعَ علمه بورود السّنة الدَّالَّة على تَحْرِيمه وَمنعه تَقْلِيد الأول اتِّبَاع السّنة لاعْتِقَاده عدم جَوَاز الِانْتِقَال عَن تَقْلِيد الأول فقد