قَالَ: لأَنا لَا نؤمل من العميان أَنْ يُبْصِرُوا. قُلْنَا: وَلا يَظْهَرُ فَضْلُ الْعِلْمِ لمن لَا عقل لَهُ، كَمَا لَا تبين الشَّمْسُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ بَصَرٌ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بن يزِيد: نمى إِلَيَّ أَنَّ الْخَلِيلَ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ فَلا يَشْعُرُ إِلا وَهُوَ فِي الصَّحَرَاءِ وَلَمْ يردهَا، من شغفه بالفكر. وَيدخل الدَّاخِل إِلَى أبي تَمام الشَّاعِر وَهُوَ يَعْمَلُ الشِّعْرَ فَلا يَشْعُرُ بِهِ.
وَقَالَتِ امْرَأَةُ الْخَلِيلِ لِلْخَلِيلِ: لَا أَرَاكَ تَجْلِسُ عِنْدِي كثيران قَالَ: وَمَا أَصْنَعُ بِكِ، أَنْتِ تَجِلِّينَ عَنْ دقيقي، وَأَنا أدق من جَلِيلِكِ.
وَكَانَ الْخَلِيلُ يَقُولُ: أَثْقَلُ سَاعَاتٍ عَلَيَّ سَاعَة آكل فِيهَا.
وَرَأى معلم مُحَمَّد بن دَاوُد ابْن الْجَرَّاحِ عَلَى دَفْتَرٍ لَهُ دَمًا فَسَأَلَهُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي كنت عَلَى السِّرَاجِ أَدْرُسُ فِي اللَّيَالِي الْحَارَّةِ فَأَرْعُفُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا تَطْلُبُ الْعِلْمَ لِنَفْسِكَ، فَإِذَا أتفلت نَفْسَكَ فَمَا يَنْفَعُكَ عِلْمُكَ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بن عبد الْعَزِيز: إِنَّ نَفْسِي مَطِيَّتِي فَإِذَا حَمَلْتُ عَلَيْهَا خَسِرْتُهَا، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: قَالَ بَعْضُ الأَوَائِلِ: إِنْ لَمْ تَصْبِرْ عَلَى تَعَبِ الْعِلْمِ صَبَرْتَ عَلَى شِفَاء الْجَهْل، فَقَالَ: الْعلم، صَدَقَ هَذَا الْقَائِلُ، وَلَكِنْ تَجَاوُزُ الاعْتِدَالِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ رُبَّمَا أَدَّى إِلَى تَضْيِيعِهِ.
قَالَ أَبُو هِلالٍ: وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَلا إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلْ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute