للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بِرِفْقٍ، فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلا ظَهْرًا أَبْقَى) .

وَالْعَرَبُ تَقُولُ: شَرُّ السَّيْرِ الْحَقْحَقَةُ، وَهِيَ شِدَّةُ السَّيْرِ.

وَقَالَ الشَّاعِرُ: (تَقْطَعُ بِالنُّزُولِ الأَرْض عَنَّا ... وَطول الأَرْض تقطعه النُّزُولُ) يُرِيدُ إِنَّكَ إِذَا نَزَلْتَ وَسِرْتَ بَلَغْتَ الْقَصْد، وَإِنْ وَاصَلْتَ السَّيْرَ قَطَعَ بِكَ.

قُلْنَا: فَخَرَجَ مُحَمَّد (ابْن دَاوُد) أَبْرَعَ النَّاسِ فِي الْعِلْمِ وَالْحِفْظِ، وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ الشُّيُوخِ خَبَرَ إِسْلامِ أَبِي ذَرٍّ فَانْتهى إِلَى أَرْبَعُ وَرَقَاتٍ مِنْ أَصْلِ الشَّيْخِ فَقَالَ: اقْرَأْهَا عَلَيَّ فَقَرَأَهَا، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: اسْمَعْهَا مِنِّي الآنَ، فَإِذَا هُوَ قَدْ حَفِظَهَا مِنْ لَفْظِهِ.

وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ عَمِلَ قَصِيدَةً اسْتَحْسَنَهَا النَّاسُ وَكَتَبُوهَا، وَكَتَمَهَا الْحَسَنُ مُحَمَّدًا مَخَافَةَ أَنْ يعيب مِنْهَا شَيْئا، وَكَانَ مُحَمَّدٌ نَاقِدًا لِلشِّعْرِ حَسَنَ الْمَعْرِفَةِ بِهِ، فَالْتَقَيَا فِي الْجَامِعِ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: إِنْ لَمْ تَكْتُبْنِي قَصِيدَتَكَ هَذِهِ الْغَرَاءَ فَأَنْشِدْنِيهَا مَرَّةً وَاحِدَة، فأنشده إِيَّاهَا، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد: وفقت وَالله ( ...

<<  <   >  >>