للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَضِي الله عَنهُ يَقُول لم يُعْط أحد فِي الدُّنْيَا شَيْئا أعظم من النُّبُوَّة وَلم يُعْط بعد النُّبُوَّة أفضل من الْعلم وَالْفِقْه

فَيَنْبَغِي للْعَالم أَن لَا يضع نَفسه فِي مَوضِع هوان وَلَا يذلها لأهل الْجَهْل والعدوان

بل ينزه نَفسه أَولا عَمَّا ينقص الْمُرُوءَة وَيذْهب الفتوة

ثمَّ يصونها ثَانِيًا عَن الأدناس ومخالطة الفسقة والأنجاس

ثمَّ يحملهَا ثَالِثا على الْهَيْئَة الْعلية وَالْأَفْعَال المرضية

ويجملها رَابِعا بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقار فِي الحضرة والأسفار وإطراق الرَّأْس وَضبط الْحَواس وتحسين الزي واللباس والهيبة الْحَسَنَة عِنْد النَّاس

فقد كَانَ أَوَائِل هَذِه الْأمة لَيْسَ لَهُم فِي طلب الزي همة إِذْ كَانُوا قد رسخ الْإِسْلَام فِي قُلُوبهم فَكَانَ الْعلم وَالدّين غَايَة مطلوبهم فزهدوا فِي الدُّنْيَا بالكثير واكتفوا من حطامها باليسير لما وَقع فِي قُلُوبهم من الْجد والتشمير

ثمَّ لما حدثت الفترة بعده فِي الطالبين ندب الشَّرْع إِلَى إِقَامَة صُورَة الإئمة المتصدرين وَالْعُلَمَاء والمدرسين والقضاة والمفتين

على خلاف مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ

وَسبب ذَلِك أَن الْمَقَاصِد والمصالح الشَّرْعِيَّة وقمع

<<  <   >  >>