للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لانهما عاهداه على الإسعاد قَالَ وَقَالَ ابْن جنى فِي معنى هَذَا الْبَيْت كنت أبْكِي الرّبع وَحده فصرت ابكي وفاءكما مَعَه وَلذَلِك قَالَ وفاءكما كالربع أَي كَمَا ازددت بِالربعِ وبوفائكما وجدا زِدْت بكاء قَالَ ويروي الدمع بِالْجَرِّ عطفا على الرّبع يُرِيد وفاؤكما كالربع الدارس فِي الأدواء إِذا لم تحزنا عَلَيْهِ وكالدمع الساجم فِي الشِّفَاء إِذا حزنتما عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن القطاع وفاؤكما لي بالإسعاد عَفا ودرس كالربع الَّذِي أشجاه للعين دارسه فَكنت ابكي الرّبع وَحده فصرت أببكي مَعَه وفاءكما وأشتفى بالدمع الَّذِي هُوَ رَاحَة الْإِنْسَان وأشفاه للنَّفس ساجمه قَالَ وَلما انشد أَبُو الطّيب هَذِه القصيدة كَانَ ابو خالويه حَاضرا فَقَالَ لأبي الطّيب تَقول أشجاه وَهُوَ شجاه فَقَالَ لَهُ اسْكُتْ لَيْسَ هَذَا من علمك إِنَّمَا هُوَ اسْم لَا فعل قَالَ الْخَطِيب الشُّعَرَاء وَغَيرهم يَزْعمُونَ ان الْبكاء يجاو بعض الْهم عَن المكروب والمحزون قَالَ الفرزدق

(ألْم تَرَ أّني يَوْمَ جَوّ سُوّيْقَةٍ ... بَكَيْتُ فَقالتْ لِي هُنَيْدَةُ مالِيا)

(فَقُلْتُ لَها إنَّ البُكاءَ لَرَاحَةً ... بِهِ يَشْتفِي مَنْ ظَنَّ أنْ لَا تَلاقِيا)

قَالَ لامهما على الْبكاء وأنهما لم يسعداه وَذهب بعض النَّاس إِلَى انه أَرَادَ بالمخاطبين عَيْنَيْهِ وَكَلَامه يدل على غير ذَلِك وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنه بكي وَلم يبكيا مَعَه فَكَانَ ذَلِك زَائِدا فِي كَلَامه إِعْرَاب أبي الْفَتْح قَالَ كَلمته وَقت الْقِرَاءَة عَلَيْهِ فَقلت لَهُ بِأَيّ شَيْء تعلق الْبَاء فَقَالَ بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ فَاء فَقلت بِمَ رفعت وفاؤكما فَقَالَ لي بِالِابْتِدَاءِ فَقلت لَهُ أَيْن خَبره فَقَالَ كالربع فَقلت لَهُ هَل يَصح أَن تخبر عَن اسْم قبل تَمَامه وَقد بقيت مِنْهُ بَقِيَّة وَهِي الْبَاء فَقَالَ لَا أَدْرِي إِلَّا انه قد جَاءَ لَهُ نَظَائِر وَأنْشد الْأَعْشَى

(لَسْنا كَمَنْ حَلَّتْ إيادٍ دَارَها ... بَكْرٌ بوَقْتٍ حَبُّها أنْ تُحْصَدَا)

فأبدل إيادا من من أَي كأياد الَّتِي حلت دارها فدارها لَيست مَنْصُوبَة بحلت هَذِه وَإِن كَانَ الْمَعْنى يَقْتَضِي ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يُبدل الِاسْم إِلَّا بعد تَمَامه وَإِنَّمَا نصبها بِفعل مُضْمر دلّ عايه حلت الظَّاهِر كَأَنَّهُ قَالَ فِيمَا بعد حلت دارها وَكَذَلِكَ الْعَطف والتوكيد وَجَمِيع مَا يُؤذن بمام الِاسْم أَلا ترى أَنهم لَا يجيزون مَرَرْت بالضارب وَعَمْرو وزيدا لِأَنَّك لَا تعطف عَلَيْهِ وَقد بقيت مِنْهُ بَقِيَّة وَلَا يجيزون مَرَرْت بالضارب نَفسه زيدا لِأَنَّك لَا تؤكد وَقد بقيت مِنْهُ بَقِيَّة وَكَذَلِكَ لَا يجوز أَن تكون الْبَاء مُتَعَلقَة بِفعل مَحْذُوف وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>