للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يدْخل فِي ليلته إِلَّا وَقد صَارَت الثِّيَاب خضرًا من سندس الْجنَّة

أَقُول وَلَو قَالَ أَبُو تَمام

(تردَّى ثِيَاب الْمَوْت حمرا فَمَا اختفى ... عَن الْعين إِلَّا وَهِي من سندسٍ خضرُ)

لَكَانَ أبلغ فِي الْقَصْد وأبدع فَإِنَّهُ جعل غَايَة تبديلها بالسندس دُخُوله فِي اللَّيْل وَهَذَا لَيْسَ بِمَعْلُوم فَإِن الْمَيِّت إِذا غيب بالدفن عَن الْأَعْين تبدلت أَحْوَاله إِلَى خير أَو شَرّ وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى وَيشْهد لذَلِك مَا ورد أَن الْمَيِّت بِمُجَرَّد ستره عَن الْأَعْين يَأْتِيهِ ملكا السُّؤَال

وَفِي معنى بَيت أبي تَمام قَول القَاضِي الْفَاضِل عبد الرَّحِيم رَحمَه الله

(لهفي لمقتول تلاحظه ... عيونُ الْبيض شَزْرَا)

(متضرّجاً بدَمٍ رَأَتْهُ ُالحورُ فِي الجناتَ عطرَا ... )

(متكفنٌ بملابسٍ ... حَمْرَاء وَهِي تعودُ خضرًا) // من مجزوء الْكَامِل //

يرْوى أَنه لما ورد نعي هَذَا المرثي غمس أَبُو تَمام طرف رِدَائه فِي مداد ثمَّ ضرب بِهِ كفيه وصدره وَأنْشد هَذِه القصيدة

وإِلى ذَلِك أَشَارَ ابْن زنجي الْكَاتِب المغربي فِي قَوْله يرثي الشَّيْخ أَبَا عَليّ ابْن خلدون

(لَوْلَا الحياءُ وَأَن أجيء بفعلةٍ ... تنْضَى عليَّ بهَا سيوفُ ملامِ)

(وأكون مُتبعا لأشنعِ سنةٍ ... قد سنّهَا فبلي أَبُو تمامِ)

(للبست لبس الثاكلات وَكنت فِي ... سود الوجوهِ كأنني من حام) // الْكَامِل //

وَالشَّاهِد فِي الْبَيْت الطباق الْمُسَمّى بالتدبيج وَهُوَ أَن يذكر الشَّاعِر أَو الناثر فِي معنى من الْمَدْح أَو غَيره ألواناً لقصد الْكِنَايَة أَو التورية وَيُسمى

<<  <  ج: ص:  >  >>