للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


مخلوقات الله تعالى، وأنه جسم مجسم خلقه سبحانه، واستوى عليه، لحكمة أرادها لا لحاجة منه إليه. وتعبد ملائكته سبحانه بحمله لا لحاجة منه إليهم، لأنه سبحانه هو الحامل بقدرته للعرش وما دون العرش، فالقرآن مليء بذكر العرش، وكذا السنة، فلا مجال للمراء. ولا شك في بطلان مذهب المتكلمين ورأيهم في العرش، لأن الله تعالى يقول: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} (الحاقة: من الآية١٧) ، وليس يصح في ذهن أحد ولا في لغة العرب، أن يكون المعنى: ويحمل ملك ربك يومئذ ثمانية، وملك الله تعالى يشمل جميع خلقه من سموات وما فيهن، وأرضين وما فيهن، وكل مخلوق من مخلوقات الله تعالى، وعلى تفسير هؤلاء المبتدعة يلزم أن يكون المراد أنهم حاملون لجميع مخلوقات الله لا لخلق خاص اسمه العرش، وهذا تفسير في غاية البطلان، وهو تكذيب صريح لله ولرسوله.
كما أن التفسير الآخر باطل أيضا، لأنه قد ثبت في الشرع أن للعرش قوائم تحمله الملائكة، كما ورد في الحديث المتفق عليه " ... فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور" والعرش في اللغة: عبارة عن السرير الذي للملك كما قال تعالى عن بلقيس: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} (النمل: من الآية: ٢٣) ، وليس هو فلكا، ولا تفهم منه العرب ذلك، والقرآن إنما نزل بلغتهم. انظر: شرح الطحاوية ص٢٤٨، والعلو للذهبي ص٥٧.
فالعرش من الأمور الغيبة التي يجب علينا الإيمان بها كما أخبر الله ورسوله، أما الاستواء على العرش فمذهب السلف فيه الإيمان بأن الله استوى على عرشه -كما أخبر بذلك القرآن في سبعة مواضع، وكما أخبرت به السنة في مواضع كثيرة- استواء يليق بجلاله، وعظمته، لا تشبيه فيه باستواء المخلوقين، ولا تعطيل له عن حقيقة الصفة، بل لا بد من الإثبات وفق المنهج المرسوم في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، فأخذ السلف بنصوص الإثبات ونصوص التنزيه، فجمعوا بينهما في منهج واحد، كما هو شأنهم وطريقتهم في بقية الصفات. أما المتكلمون فأولوا الاستواء بالاستيلاء والغلبة والقهر، وليس لهم من دليل على هذا التأويل سوى بيت من الشعر للأخطل النصراني، ذكره ابن كثير في البداية والنهاية ٩/٢٦١، وهو:
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق
وعقب عليه بقوله: وهذا البيت تستدل به الجهمية على أن الاستواء على العرش بمعنى

<<  <   >  >>