قال: قلنا: كيف هو وإنما نأتي الله تعالى عراة غرلا بهما؟ قال: بالحسنات والسيئات. وأخرج الحديث بهذه الطريق البخاري في الأدب المفرد، باب المعانقة، ص ١٤٣، وأحمد في المسند ٣/٤٩٥. وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ١/٩٣، والقرطبي في التذكرة ١/٣٢٣. وله طريق ثالثة حيث أخرجه الطبراني في مسند الشاميين، وتمام الرازي في فوائده من طريق الحجاج بن دينار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: "كان يبلغني عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث في القصاص ... " ذكر ذلك الحافظ في الفتح، وقال: "إسناده صالح". فتح الباري ١/١٧٤. ولا يوجد الشاهد في هذين الطريقين. إلا أنه كما ترى -قد اتفقت جميع الطرق على أن الله يتكلم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب. وهذا يدل على أن الله تعالى يتكلم حقيقة، وأن هذه الصفة لا سبيل إلى تأويلها، فالله تعالى يتكلم بصوت يسمع، ولكن كلامه سبحانه لا يشبه كلام المخلوقين، وصوته لا يشبه أصواتهم بدليل ما ورد في هذا الحديث، من أن كلام الله وصوته يسمعه من بعد ومن قرب على حد سواء، وليس هذا لكلام المخلوق، وصفة الكلام من أخطر الصفات التي تعرض لها المتكلمون بالنفي، حيث نفوا أن يكون الله تعالى يتكلم بصوت يسمع، إذ قالوا بأن كلام الله تعالى نفسي قديم قائم بذاته سبحانه، وهذا يعني أن الله تعالى لا يتكلم حقيقة. انظر: لمع الأدلة للجويني ص ٩٢، تحقيق الدكتورة فوقية حسين محمود، والإرشاد ص ١١٥، والأسماء والصفات للبيهقي ص ٢٧٣، والمواقف بشرح الجرجاني، قسم الإلهيات ص ١٤٩-١٥٠، وشرح أم البراهين للسنوسي ص ٣١.