للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٧- قَالُوا حَدِيثٌ يُبْطِلُهُ الْقُرْآنُ وَالْإِجْمَاعُ: الصَّدَقَةُ وَالْقَضَاءُ الْمُبْرَمُ:

قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَدْفَعُ الْقَضَاءَ الْمُبْرَمَ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ١.

وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ لَا رَادَّ لِقَضَائِهِ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ٢.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:

وَنَحْنُ نَقُولُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ: إِنَّ الْمَرْءَ قَدْ يَسْتَحِقُّ بِالذُّنُوبِ قَضَاءً مِنَ الْعُقُوبَةِ، فَإِذَا هُوَ تَصَدَّقَ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَا قَدِ اسْتَحَقَّ مِنْ ذَلِكَ.

يَدُلُّكَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: "صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ"٣ أَفَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ غَضِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ تَعَرَّضَ لِعِقَابِهِ، فَإِذَا أَزَالَ ذَلِكَ الْغَضَبَ بِصَدَقَتِهِ، أَزَالَ الْعِقَابَ.

وَمَثْلُ هَذَا، رَجُلٌ أَجْرَمْتُ٤ عَلَيْهِ جُرْمًا عَظِيمًا، فَخِفْتُ بَوَائِقَهُ وَعَاجِلَ جَزَائِهِ، فَأَهْدَيْتُ لَهُ هَدِيَّةً كَفَفْتُهُ بِهَا، وَقُلْتُ الْهَدِيَّةُ تدفع الْعقَاب الْمُسْتَحق.


١ الْآيَة ٤٠ من سُورَة النَّحْل.
٢ البُخَارِيّ: زَكَاة ١٣.
٣ أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن مُعَاوِيَة بن حيدة، وَفِيه صَدَقَة بن عبد الله السمعين، وَلَا بَأْس بِهِ فِي الشواهد.
٤ فِي نسختين "إِلَيْهِ".

<<  <   >  >>