للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٨- قَالُوا حَدِيثٌ يُبْطِلُ أَوَّلُهُ آخِرَهُ- طَاعَةُ الْأَئِمَّةِ:

قَالُوا: "رُوِّيتُمْ أَنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةٌ، إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ غَوَيْتُمْ، وَإِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ ضَلَلْتُمْ"١.

وَهَذَا لَا يَجُوزُ فِي الْمَعْقُولِ، وَكَيْفَ يَكُونُونَ بِمَعْصِيَتِهِمْ ضَالِّينَ، وَبِطَاعَتِهِمْ غَاوِينَ؟!!

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:

وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَنَاقُضٌ مَعَ التَّأْوِيلِ.

وَمَعْنَاهُ فِيمَا يَرَى: أَنَّهُمْ إِنْ أُطِيعُوا فِي الَّذِي يأرون بِهِ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَظُلْمِ الرَّعِيَّةِ؛ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا، غَوَى مُطِيعُهُمْ،

وَإِنْ عُصُوا، فَخُرِجَ عَلَيْهِمْ، وَشُقَّتْ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، كَمَا فَعَلَ الْخَوَارِجُ، ضَلَّ عَاصِيهِمْ.

وَالَّذِي يَؤُولُ إِلَيْهِ مَعْنَى الْحَدِيثِ، أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ لَهُمْ، وَلَا يُخْرَجُ عَلَيْهِمْ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ، أَرَادَ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ عَلَى الْمَنَابِرِ مِنَ الْخَيْرِ، إِنْ عُصُوا فِيهِ ضَلَّ عَاصِيهِمْ وَمَا يَأْمُرُونَ بِهِ مِنَ الْمَعَاصِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَقَامِ، إِنْ أُطِيعُوا فِيهِ غوى مطيعهم.


١ لم نجده بِهَذَا اللَّفْظ، وَوجدنَا فِي صَحِيح مُسلم حَدِيثا قَرِيبا مِنْهُ: كتاب الْإِمَارَة ١٦ مَا يَلِي: إِنَّه يسْتَعْمل عَلَيْكُم أُمَرَاء فتعرفون وتنكرون، فَمن كره فقد برِئ، وَمن أنكر فقد سلم، وَلَكِن من رَضِي وتابع" قَالُوا: يَا رَسُول الله! أَلا نقاتلهم؟ قَالَ: لَا مَا صلوا.

<<  <   >  >>