للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٥٣- قَالُوا: حَدِيثٌ يُبْطِلُهُ الْقُرْآنُ وَحُجَّةُ الْعَقْلِ- يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُعْطِيَ نِصْفَ الْحُسْنِ:

قَالُوا: رُوِّيتُمْ: "أَنَّ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أُعْطِيَ نِصْفَ الْحُسْنِ"١، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} ٢.

لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مَنْ أُعْطِيَ نِصْفَ الْحُسْنِ بِثَمَنٍ بَخْسٍ وَبِدَرَاهِمَ تُعَدُّ مِنْ قِلَّتِهَا، وَلَا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَهُ -مَعَ قِلَّةِ هَذَا الثَّمَنِ أَيْضًا- زَاهِدًا فِيهِ.

وَيَقُولُ فِي رُجُوعِ إِخْوَتِهِ إِلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ "إِنَّهُ عَرَفَهُمْ، وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ".

وَكَيْفَ يُنْكَرُ مَنْ أُعْطِيَ نِصْفَ الْحُسْنِ، وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ فِي الْعَالِمِ نَظِيرٌ؟ وَهُمْ كَانُوا بِأَنْ يَعْرِفُوهُ وَيُنْكِرَهُمْ هُوَ أَوْلَى.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ يَذْهَبُونَ فِي نِصْفِ الْحُسْنِ الَّذِي أُعْطِيَهُ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَعْطَاهُ نِصْفُ الْحُسْنِ، وَأَعْطَى الْعِبَادَ أَجْمَعِينَ النِّصْفَ الْآخَرَ، وَفَرَّقَهُ بَيْنَهُمْ.

وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَدَبَّرَهُ إِذَا فَهِمَ مَا قُلْنَاهُ.

وَالَّذِي عِنْدِي فِي ذَلِكَ، أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، جَعَلَ لِلْحُسْنِ غَايَةً وَحَدًّا، وَجَعَلَهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، إِمَّا لِلْمَلَائِكَةِ، أَوْ لِلْحُورِ الْعين؛ فَجعل


١ رَوَاهُ أَحْمد: ٣/ ٢٨٦.
٢ الْآيَة: ٢٠ من سُورَة يُوسُف.

<<  <   >  >>