٦٦- قَالُوا: حَدِيثٌ يُكَذِّبُهُ النَّظَرُ- اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَمَلُّ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا" ١.
فَجَعَلْتُمُ اللَّهَ تَعَالَى يَمَلُّ إِذَا مَلُّوا، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَمَلُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَا يَكِلُّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ التَّأْوِيلَ لَوْ كَانَ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، كَانَ عَظِيمًا مِنَ الْخَطَأِ فَاحِشًا.
وَلَكِنَّهُ أَرَادَ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَمَلُّ إِذَا مَلَلْتُمْ، وَمِثَالُ هَذَا قَوْلُكُ فِي الْكَلَامِ:
هَذَا الْفَرَسُ لَا يَفْتُرُ، حَتَّى تَفْتُرَ الْخَيْلُ.
لَا تُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَفْتُرُ، إِذَا فَتَرَتْ وَلَوْ كَانَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، مَا كَانَ لَهُ فَضْلٌ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يَفْتُرُ مَعَهَا، فَأَيَّةُ فَضِيلَةٍ لَهُ؟ وَإِنَّمَا تُرِيدُ، أَنَّهُ لَا يفتر إِذا افترت.
وَكَذَلِكَ تَقُولُ فِي الرَّجُلِ الْبَلِيغِ فِي كَلَامِهِ، وَالْمِكْثَارِ الْغَزِيرِ: فُلَانٌ لَا يَنْقَطِعُ، حَتَّى تَنْقَطِعَ خُصُومُهُ.
تُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ إِذَا انْقَطَعُوا.
١ الحَدِيث مُتَّفق عَلَيْهِ، رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كتاب الْإِيمَان، بَاب: أحب الدَّين إِلَى الله أَدْوَمه، وَرَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه رقم ٧٨٢ -الشَّيْخ مُحَمَّد بدير-.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute