وأجازه بالإفتاء والتدريس ولازمهما وانتفع بهما وسمع بها الحديث على عبدة منهم الإمام ضياء الدين أبو الفضل محمد المدعو بخليل بن عبد الرحمن المالكي وهو أقدم شيوخه سماعا والجمال محمد بن أحمد بن عبد لمعطي الأنصاري والعلامة ولي الله تعالى عفيف الدين أبو محمد عبد الله بن أسعد اليافعي، وأحمد بن سالم بن ياقوت المكي المؤذن وغيره من القادمين إليها.
وارتحل إلى مصر فسمع بها من جماعة كابن القاري وابن الشيخة والبهاء بن خليل والقاضي عز الدين بن جماعة وتفقه بشيخ الإسلام سراج الدين البلقيني وأجازه بأربعة علوم الحديث والفقه وأصوله والعربية وبابن الملقن وأجازه بالفتوى والتدريس ولازم شيخ الإسلام بهاء الدين أبا البقاء السبكي وحضر دروسه وتفقه به وهو أجل شيوخه وصحبه إلى دمشق فسمع بها من ابن أميلة وأحمد بن النجم إسماعيل بن أبي عمر وقريبه الصلاح محمد بن أحمد بن إبراهيم وجمع وسمع بعدة من بلاد الشام كبيت المقدس وبعلبك وحلب وغيرها.
ورحل إلى الإسكندرية فسمع بها من جماعة منهم التقي بن عزام وغير ذلك من الأقطار، وشيوخه خلائق يجمع غالبهم معجمه الذي خرجه له صاحبنا الحافظ أبو الحرم خليل بن محمد الأقفهسي حدث به وبغالب مسموعاته فسمعته منه والكثير من مروياته، وقد جمعت أسانيد مسموعاته في مجلد ضخم مرتب على حروف المعجم مع تراجم أصحاب الكتب والأجزاء وقد برع في علوم عدة منها الحديث والفقه وتصدر بعد السبعين بمكة المشرفة للإفادة بضعا وأربعين عاما فازدحم عليه الطلبة منها ومن الغرباء القادمين إليها فأخذوا عنه وانتفعوا به وكثرت تلامذته، حضرت دروسه في الفقه والحديث وغير ذلك ولازمته مدة سنين من أول القرن إلى حين مات فانتفعت به وتخرجت، سمع منه الأئمة والحفاظ وانتفع به جماعة وكان -رحمه الله تعالى- منجمعا عن الناس ساكنا متواضعا صالحا دينا مع الوقار والسمت الحسن وسلامة الصدر له أوراد وعبادة لا يقطعها في طول الزمن، كتب بخطه الكثير وله تعاليق وفوائد، خرج لنسفه جزءا أوله المسلسل بالأولية وجزءا فيما يتعلق بزمزم حدث بهما غير مرة وكتب شرحا على مواضع من الحاوي الصغير وله الشعر الحسن سمعت عليه أساميه١، ذكره شيخنا الحافظ أبو زرعة العراقي في ترجمة والده فيمن أخذ عنه فقال: والحافظ شيخ الحجاز الآن جمال الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة انتهى وكانت وفاته تغمده الله برحمته بمكة المشرفة ليلة الجمعة السادس عشر من شهر رمضان المعظم قدره سنة سبع عشرة وثمانمائة بمكة المشرفة ولم يخلف بها بعده مثله.
١ ولعل فيه تحريفًا مطبعيًّا وأصله "أشياء منه". "الطهطاوي".