للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بخدمته فشاهد منه كرامات جمة ومكاشفات عدة منها أنه لما تأهل وحملت زوجته ربما كانت تشتهي الشيء فتستحي من ذكره له فكان الشيخ تقي الدين يأمره به فيأتي به إليه فيتناول منه القليل ثم يرسل به إليها فلما جاءها المخاض واشتد بها الطلق جاءه يسأله الدعاء وإقامة خاطره معها فقال: لا بأس عليها تلد عبد الرحيم أو ولدت عبد الرحيم فكر إليها راجعا فوجدها قد تخلصت ووضعته، وكان ذلك في اليوم الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وسبعمائة بين مصر والقاهرة بمنشأة المهراني على شاطئ النيل المبارك. وكان يحضر إلى الشيخ تقي الدين١ فيلاطفه ويبره ويكرمه فتوفي والده وهو في الثالثة من عمره٢ وكان كثير الكون بعد ذلك عند الشيخ وكان يتوقع أن يكون حضر عليه شيئا تبعا لبعض أهل الحديث فإنهم كانوا يترددون إليه للسماع عليه لأنه كان سمع على أصحاب السلفي لكنه لم يقف على شيء من ذلك وقصارى ما حضره قديما على قاضي القاضاة تقي الدين الإخنائي٣ المالكي والأمير سنجر الجاولي وغيرهما في صغره قبل طلبه بنفسه ساعات نازلة وحفظ القرآن العظيم وله من العمر ثماني سنين وأقدم ما وجد له من السماع في سنة سبع وثلاثين وحفظ التنبيه واشتغل في العلوم وكان أول اشتغاله في القراآت والعربية فأول من أخذ عنه ذلك جماعة منهم الشيخ ناصر الدين محمد بن سمعون والشيخ برهان الدين إبراهيم بن لاجين الرشيدي والشهاب أحمد بن يوسف السمين والسراج عمر بن محمد الدمنهوري وكان متشوقا للأخذ عن الأستاذ أبي حيان والاجتماع به فبلغه عنه سوء خلق وحط على الفقراء فغير عزمه عن ذلك غيرة للفقراء لصحبته إياهم وخدمته لهم فحصل له بذلك العناية التامة وانهمك في علم القراآت حتى نهاه عن ذلك قاضي القضاة عز الدين بن جماعة فقال له: إنه علم كثير التعب قليل الجدوى وأنت متوقد الذهن


١ وعبارة صاحب الضوء اللامع وتكرر إحضار أبيه له عند الشيخ تقي الدين فكان يلاطفه ويكرمه وعادت بركته عليها. اهـ. وقال في عبارة أخرى: وكان كثير الكون مع أبيه عند التقي المشار إليه. "الطهطاوي".
٢ لم يذكر هذا الحافظ ابن حجر في ترجمته من معجمه ولا إنبائه وكذا صاحب الضوء اللامع بل في كلامه ما ينافيه فقد ذكر في ترجمته أن والده أسمعه في سنة سبع وثلاثين من الأمير سنجر الجاولي والقاضي تقي الدين الإخنائي المالكي وغيرهما ثم قال: ولو كان أبوه ممن له عناية لأدرك بولده السماع من مثل يحيى بن المصري آخر من روى حديث السلفي عاليا. اهـ. بل الذي توفي والحافظ العراقي في الثالثة من عمره هو الشيخ تقي الدين القناوي كما يعلم مما ذكرنا وبهذا يعرف ما في قول المؤلف وكان كثير الكون بعد ذلك عند الشيخ فتنبه لذلك والله أعلم. "الطهطاوي".
٣ بالكسر نسبة لإخنا مقصورة بلدة بقرب إسكندرية من الغربية.

<<  <   >  >>