أن السب موجب للقتل وإن كان هناك ما يمنع القتال لولا السبب كالعهد والأنوثة ومنع قتل الكافر الممسك أو عدم إباحته.
وهذا وجه حسن دقيق فإن الأصل أن دم الآدمي معصوم لا يقتل إلا بالحق وليس القتل للكفر من الأمر الذي اتفقت عليه الشرائع ولا أوقات الشريعة الواحدة كالقتل قودا فإنه مما لا تختلف فيه الشرائع ولا العقول وكان دم الكافر في أول الإسلام معصوما بالعصمة الأصلية وبمنع الله المؤمنين من قتاله ودماء هؤلاء القوم كدم القبطي الذي قتله موسى وكدم الكافر الذي لم تبلغه الدعوة في زماننا أو أحسن حالا من ذلك وقد عد موسى ذلك ذنبا في الدنيا والآخرة مع أن قتله كان خطأ شبه عمد أو خطأ محضا ولم يكن عمدا محضا.
فظاهر سيرة نبيا وظاهر ما أذن له فيه أن حال أهل المدينة إذ ذاك ممن لم يسلم كانت كهذه الحال فإذا قتل المرأة التي هجته من هؤلاء وليسوا عنده محاربين بحيث يجوز قتالهم مطلقا كان قتل المرأة التي تهجوه من أهل الذمة بهذه المثابة وأولى لأن هذه قد عاهدناها على أن لا تسب وعلى أن تكون صاغرة وتلك لم نعاهدها على شيء.
الحديث السابع: قصة أبي عفك اليهودي ذكرها أهل المغازي والسير.
قال الواقدي: ثنا شعبة بن محمد عن عمارة بن غزية وحدثناه أبو مصعب إسماعيل بن مصعب بن إسماعيل بن زيد بن ثابت عن أشياخه قالا: إن شيخا من بني عمرو بن عوف يقال له أبو عفك وكان شيخا كبيرا قد بلغ عشرين ومائة سنة حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان يحرض على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدخل في الإسلام فلما خرج رسول