للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإذا تقرر بما ذكرناه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه وغير ذلك أن الساب للرسول يتعين قتله فنقول: إنما يكون تعين قتله لكونه كافرا حربيا أو للسبب المضموم إلى ذلك والأول باطل لأن الأحاديث نص في أنه لم يقتل لمجرد كونه كافرا حربيا بل عامتها قد نص فيه على أن موجب قتله إنما هو السب فنقول: إذا تعين قتل الحربي لأجل أنه سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكذلك المسلم والذمي أولى لأن الموجب للقتل هو السب لا مجرد الكفر والمحاربة كما تبين فحيثما وجد هذا الموجب وجب القتل وذلك لأن الكفر مبيح للدم لا موجب لقتل الكافر بكل حال فإنه يجوز أمانه ومهادنته والمن عليه ومفاداته لكن إذا صار للكافر عهد عصم العهد دمه الذي أباحه الكفر فهذا هو الفرق بين الحربي والذمي فأما ما سوى ذلك من موجبات القتل فلم يدخل في حكم العهد.

وقد ثبت بالسنة أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يأمر بقتل الساب لأجل السب فقط" لا لمجرد الكفر الذي لا عهد معه فإذا وجد هذا السب وهو موجب للقتل والعهد لم يعصم من موجبه تعين القتل ولأن أكثر ما في ذلك أنه كافر حربيا سابا والمسلم إذا سب يصير مرتدا سابا وقتل المرتد أوجب من قتل الكافر الأصلي والذمي إذا سب فإنه يصير كافرا محاربا سابا بعد عهد متقدم وقتل مثل هذا أغلظ.

وأيضا فإن الذمي لم يعاهد على إظهار السب بالإجماع ولهذا إذا أظهره فإنه يعاقب عليه بإجماع المسلمين إما بالقتل أو بالتعزير وهو لا يعاقب على فعل شيء مما عوهد عليه وإن كان كفرا غليظا ولا يجوز أن يعاقب على فعل شيء قد عوهد على فعله وإذا لم يكن العهد مسوغا

<<  <   >  >>