أعلم أن يكون أمر بقتله أولا طمعا في انقطاع أمرهم وإن كان قد كان يعفو عن أكثر المنافقين لأنه خاف من هذا انتشار الفساد من بعده على الأمة ولهذا قال:"لو قتلته لرجوت أن يكون أولهم وآخرهم" وكان ما يحصل لقتله من المصلحة العظيمة أعظم مما يخاف من نفور بعض الناس بقتله فلما لم يوجد وتعذر قتله ومع النبي صلى الله عليه وسلم بما أوحاه الله إليه من العلم ما فضله الله به فكأنه علم أنه لا بد من خروجهم أنه لا مطمع في استئصالهم كما أنه لما علم أن الدجال خارج لا محالة نهى عمر عن قتل ابن صياد وقال: "إن يكنه فلن تسلط عليه وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله" فكان هذا مما أوجب نهيه بعد ذلك عن قتل ذي الخويصرة لما لمزه في غنائم حنين وكذلك لما قال عمر: "ائذن لي فاضرب عنقه" قال: "دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" إلى قوله: "يخرجون على حين فرقة من الناس " فأمر بتركه لأجل أن له أصحابا خارجين بعد ذلك فظهر أن علمه بأنهم لا بد أن يخرجوا منعه من أن يقتل منهم أحدا فيتحدث الناس بأن محمدا يقتل أصحابه الذين يصلون معه وتنفر بذلك عن الإسلام قلوب كثيرة من غير مصلحة تعمر هذه المفسدة هذا مع أنه كان له أن يعفو عمن آذاه مطلقا بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
وبهذا يتبين سبب كونه في بعض الحديث يعلل بأنه يصلي وفي بعضه بأن لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وفي بعضه بأن له أصحابا سيخرجون وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكر بعض هذه الأحاديث وإن كان هذا الموضع خليقا بها أيضا.
فثبت أن كل من لمز النبي صلى الله عليه وسلم في حكمه أو قسمه فإنه يجب