عاقدوا أهل الذمة أنهم دخلوا على أن المشركين يكفون عن إفساد دينهم والطعن فيه بيد أو لسان وأنهم لو علموا أنهم يظهرون الطعن في دينهم لم يعاهدوهم على ذلك وأهل الذمة يعلمون ذلك كعلم البائع أن المشتري إنما دخل معه على أن المبيع سالم بل هذا أظهر وأشهر ولا خفاء به.
الوجه الثاني: في ثبوت هذا الشرط أن الذين عاهدوهم أولا هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر ومن كان معه وقد نقلنا العهد الذي بيننا وبينهم وذكرنا أقوال الذين عاهدوهم وهو عهد متضمن أنه شرط عليهم الإمساك عن الطعن في دين المسلمين وأنهم إذا فعلوا ذلك حلت دمائهم وأموالهم ولم يبق بيننا وبينهم عهد وإذا ثبت أن ذلك مشروط عليهم في العقد فزواله يوجب انفساخ العقد لأن الانفساخ أيضا مشروط عليهم ولأن الشرط حق الله كاشتراط إسلام الزوج والزوجة فإذا فات هذا الشرط بطل العقد كما يبطل إذا ظهر الزوج كافرا أو المرأة وثنية أو المبيع غصبا أو حرا أو تجدد بين الزوجين صهر أو رضاع يحرم أحدهما على الآخر أو تلف المبيع بعد القبض فإن هذه الأشياء كما لم يجز الإقدام على العقد مع العلم بها أبطل العقد مقارنتها له أو طروءها عليه فكذلك وجود هذه الأقوال والأفعال من الكافر لما لم يجز للإمام أن يعاهده مع إقامته عليها كان وجودها موجبا لفسخ عقده من غير إنشاء فسخ على أنا لو قدرنا أن العقد لا ينفسخ إلا بفسخ الإمام فإنه يجب عليه فسخه بغير تردد لأنه عقده للمسلمين فإنه لو اشترى الوالي سلعة لليتيم فبانت معيبة وجب عليه استدراك ما فات من مال اليتيم وفسخه يكون بقوله وبفعله وقتله له فسخ لعقده.
نعم لا يجوز له أن يفسخه بجرد القول فإن فيه ضررا على المسلمين وليس للسلطان فعل ما فيه ضرر على المسلمين مع القدرة على تركه وقولنا: