الجواب الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يعفو عمن شتمه وسبه في حياته وليس للأمة أن يعفو عن ذلك.
يوضح ذلك أنه لا خلاف أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه بعد موته من المسلمين كان كافرا حلال الدم وكذلك من سب نبيا من الأنبياء ومع هذا فقد قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} فكان بنو إسرائيل يؤذون موسى في حياته بما لو قاله اليوم أحد من المسلمين وجب قتله ولم يقتلهم موسى عليه السلام وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يقتدى به في ذلك فربما سمع أذاه أو بلغه فلا يعاقب المؤذي على ذلك قال الله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} الآية وقال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} .
وعن الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم إذ جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي فقال: اعدل يا رسول الله قال: "ويلك من يعدل إذا لم اعدل؟ " قال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنقه قال: "دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم