قال: أجمع عوام أهل العلم على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم فحده القتل وممن قاله مالك والليث وأحمد وإسحاق وهو مذهب الشافعي.
قال: وحكى عن النعمان: لا يقتل من سبه من أهل الذمة وهذا لفظ دليل على وجوب قتله عند العامة وهذا مذهب مالك وإسحاق وسائر فقهاء المدينة وكلام أصحابه يقتضي أن لقتله مأخذين:
أحدهما: انتقاض عهده.
والثاني: أنه حد من الحدود وهو قول فقهاء الحديث.
قال إسحاق بن راهويه: إن أظهروا سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع منهم ذلك أو تحقق عليهم قتلوا وأخطأ هؤلاء الذين قالوا: "ما هم فيه من الشرك أعظم من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال إسحاق: "يقتلون لأن ذلك نقض العهد" وكذلك فعل عمر بن عبد العزيز ولا شبهة في ذلك لأنه يصير في ذلك ناقضا للصلح وهو كما قتل ابن عمر الراهب الذي سب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "ما على هذا صالحناهم".
وكذلك نص الإمام أحمد على وجوب قتله وانتقاض عهده وقد تقدم بعض نصوصه في ذلك وكذلك نص عامة أصحابه على وجوب قتل هذا الساب ذكروه بخصوصه في مواضع وهكذا ذكروه أيضا في جملة ناقضي العهد من أهل الذمة.
ثم المتقدمون منهم وطوائف من المتأخرين قالوا: إن هذا وغيره من ناقضي العهد يتعين قتلهم كما دل عليه كلام أحمد.
وذكر طوائف منهم أن الإمام مخير فيمن نقض العهد من أهل الذمة كما يخير في الأسير بين الاسترقاق والقتل والمن والفداء ويجب عليه فعل الأصلح