على الردة لا لتشرفه بدين قد بدله وناقض العهد قد نقض عهده الذي كان يرعى به فزالت حرمته وصار بأيدي المسلمين من غير عقد ولا عهد فصار كحربي أسرناه وأسوء حالا منه ومثل ذلك لا يجب المن عليه بجزية ولا بغيرها لأن الله تعالى إنما أمرنا أن نقاتلهم حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فمن أخذناه قبل أن يعطي الجزية لم يدخل في الآية لأنه لا قتال معه بل قد خيرنا الله إذا شددنا الوثاق بين المن والفداء ولم يوجب المن في حق ذمي ولا كتابي ولأن الأسير قد صار للمسلمين فيه حق بإمكان استبعاده والمفاداة به فلا يجب عليهم بذل حقهم منه مجانا وجاز قتله لأنه كافر لا عهد له وإنما هو باذل للعهد في حال لا تجب معاهدته وذلك لا يعصم دمه.
فإن قال من منع من إعادته إلى الذمة وجعله فيئا: هذا من على الأسير مجانا وذلك إضاعة لحق المسلمين فلم يجز إتلاف أموالهم.
قلنا: هذا مبني على أنه لا يجوز المن على الأسير والمرضيّ جوازه كما دل عليه الكتاب والسنة ومدعي النسخ يفتقر إلى دليل.
فإن قيل: خروجه عن العهد موجب للتغليظ عليه فينبغي إما أن يقتل أو يسترق كما أن المرتد يغلظ حاله بتعين قتله فإذا جاز في هذا ما يجوز في الحربي الأصلي لم يبق بينهما فرق.
قلنا: إذا جاز استرقاقه جاز إقراره بالجزية إذا لم يكن المانع حقا لله لأنه ليس في ذلك إلا فوات ملك رقبته وقد يرى الإمام أن في إقراره بالجزية أو في المن عليه والمفاداة به مصلحة أكبر من ذلك بخلاف المرتد فإنه لا سبيل في استبقائه وبخلاف الوثني إذا جوزنا استرقاقه فإن المانع من إقراره بالجزية حق لله وهو دينه وناقض العهد دينه قبل النقض وبعده سواء ونقضه إنما يعود ضرره على من يحاربه من المسلمين فكان الرأي فيه إلى أميرهم.