كالحربي سواء كما تقدم ولهذا قلنا على الصحيح: إن المرتدين إذا أتلفوا دما أو مالا بعد الامتناع لم يضمنوه وما أتلفوه قبل الامتناع ضمنوه وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام في الفرق.
وأما ما ذكره الإمام أحمد في رواية عبد الله فإنما أراد به الفرق بين الرجال والذرية ليتبين أن الذرية لا يجوز قتلهم وأن الرجال يقتلون كما يقتل أهل الحرب ولهذا قال في الذرية الذين ولدوا بعد النقض "يسبون ويقتلون" وإنما أراد أنهم يسبون إذا كانوا صغارا ويقتلون إذا كانوا رجالا أي يجوز قتلهم كأهل الحرب الأصليين ولم يرد أن القتل يتعين لهم فإنهم على خلاف الإجماع والله أعلم.
القسم الثاني: إذا لم يكن ممتنعا عن حكم الإمام فمذهب أبي حنيفة أن مثل هذا لا يكون ناقضا للعهد ولا ينقض عهد أهل الذمة عنده إلا أن يكونوا أهل شوكة ومنعة فيمتنعوا بذلك على الإمام ولا يمكنه إجراء أحكامنا عليهم أو تخلفوا بدار الحرب لأنهم إذا لم يكونوا ممتنعين أمكن الإمام أن يقيم عليهم الحدود ويستوفي منهم الحقوق فلا يخرجون بذلك عن العصمة الثابتة كمن خرج عن طاعة الإمام من أهل البغي ولم تكن له شوكة.
وقال الإمام: مالك لا ينتقض عهدهم إلا أن يخرجوا ناقضين للعهد ومنعا للجزية وامتنعوا منا من غير أن يظلموا أو يلحقوا بدار الحرب فقد انتقض عهدهم لكن يقتل عنده الساب والمستكره للمسلمة على الزنى وغيرهما.
وأما مذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد فإنهم قسموا الأمور المتعلقة بذلك قسمين أحدهما يجب عليهم فعله والثاني يجب عليهم تركه.
فأما الأول فإنهم قالوا: إذا امتنع الذمي مما يجب عليه فعله وهو أداء الجزية أو جريان أحكام الملة عليه إذا حكم بها حاكم المسلمين انتقض العهد بلا تردد