فصارت له شبهة أمان وذلك يمنع قتله كمن وطء فرجا يعتقد أنه حلال لا حد عليه وكذلك لا ينسب في دخوله دار الإسلام إلى تفريط وأما هذا فإنه ليس له أمان ولا شبهة أمان لأن مجرد حصوله في الدار ليس بشبهة أمان بالاتفاق بل هو مقدم على ما ينتقض به العهد مفرط في ذلك عالم أنا لم نصالحه على ذلك فأي عذر له في حقن دمه حتى يلحقه بمأمنه؟ نعم لو فعل من نواقض العهد ما لم يعلم أنه يضرنا مثل أن يذكر الله تعالى أو كتابه أو رسوله بشيء يحسبه جائزا عندنا كان معذورا بذلك فلا ينقض العهد كما تقدم ما لم يتقدم إليه كما فعل عمر بقسطنطين النصراني.
وأما من قال أنه كالأسير الحربي إذا حصل في أيدينا فقال: لأنه كافر حلال الدم حصل في أيدينا وكل من كان كذلك فإنه مأسور فلنا أن نقتله كما قتل النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث ولنا أن نمن عليه كما من النبي صلى الله عليه وسلم على ثمامه بن أثال الحنفي وعلى أبي عزة الجمحي ولنا أن نفادي به كما فادى النبي صلى الله عليه وسلم بعقيل وغيره ولنا أن نسترقه كما استرق المسلمون خلقا من الأسرى مثل أبي لؤلؤة قاتل عمر ومماليك العباس وغيرهم أما قتل الأسير واسترقاقه فما أعلم فيه خلافا لكن قد اختلف العلماء في المن عليه والمفادة هل هو باق أو منسوخ؟ على ما هو معروف في مواضعه وهذا لأنه إذا نقض العهد عاد كما كان والحربي الذي لا عهد له إذا قدر عليه جاز قتله واسترقاقه ولأنه ناقض للعهد فجاز قتله واسترقاقه كاللاحق بدار الحرب والمحارب في طائفة ممتنعة إذا أسر بل هذا أولى لأن نقض العهد بذلك متفق عليه فهو أغلظ فإذا جاز أن يحكم فيه بحكم الأسير ففي هذا أولى نعم إذا انتقض العهد بفعل له عقوبة تخصه مثل أن يقتل مسلما أو يقطع الطريق عليه ونحو ذلك أقيمت عليه تلك العقوبة سواء كانت قتلا أو جلدا ثم إن بقي حيا بعد إقامة حد تلك الجريمة عليه صار كالكافر الحربي الذي لا حد عليه.