رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعين قتله كما قد نص عليه الأئمة.
أما على قول من يقول: يتعين قتل كل من نقض العهد وهو في أيدينا أو يتعين قتل كل من نقض العهد بما فيه ضرر على المسلمين وأذى لهم كما ذكرناه في مذهب الإمام أحمد وكما قد دل عليه كلام الشافعي الذي نقلناه أو نقول: يتعين قتل من نقض العهد بسب الرسول صلى الله عليه وسلم وحده كما قد ذكره القاضي أبو يعلي وغيره من أصحابنا وكما ذكره طائفة من أصحاب الشافعي وكما نص عليه عامة الذين ذكروه في نواقض العهد وذكروا أن الإمام يتخير فيمن نقض العهد على سبيل الإجمال فإنهم ذكروا في مواضع أخر أنه يقتل من غير تخيير فظاهر.
وأما على قول من يقول: إن كل ناقض للعهد فإن الإمام يتخير فيه كالأسير فقد ذكرنا أنهم قالوا: إنه يستوفى منه الحقوق كالقتل والحد والتعزير لأن عقد الذمة على أن تجري أحكامنا عليه وهذه أحكامنا ثم إذا استوفينا منه ذلك فالإمام مخير فيه كالأسير وعلى هذا القول فيمكنهم أن يقولوا: إنه يقتل لأن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم موجب للقتل حدا من الحدود كما لو نقض العهد بزنى أو قطع طريق فإنه يقام عليه حد ذلك فيقتل إن أوجب القتل بل قد يقتل الذمي حدا من الحدود وإن لم ينتقض عهده كما لو قتل ذميا آخر أو زنى بذمية فإنه يستوفي منه القود وحد الزنى وعهده باق ومذهب مالك يمكن أن يوجه على هذا المأخذ إن كان فيهم من يقول لم ينتقض عهده.
وبالجملة فالقول بأن الإمام يتخير في هذا إنما يدل عليه كلام بعض الفقهاء أو إطلاقه وكذلك القول بأنه يلحق بمأمنه وأخذ مذاهب الفقهاء من الإطلاقات من غير مراجعة لما فسروا به كلامهم وما تقتضيه أصولهم يجر إلى مذاهب قبيحة فإن تقرر في هذا خلاف فهو ضعيف نقلا لما قدمناه وتوجيها لما سنذكره