كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} فأمر الله رسوله إذا صادف الناكثين بالعهد في الحرب أن يشرد بهم غيرهم من الكفار بأن يفعل بهم ما يتفرق به أولئك وقال تعالى:{أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَأُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} فحض على قتال من نكث اليمين وهم بإخراج الرسول وبدأ بنقض العهد ومعلوم أن من سب الرسول صلى الله عليه وسلم فقد فعل ما هو أعظم من الهم بإخراج الرسول وبدئنا أول مرة ثم قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} فعلم أن تعذيب هؤلاء وإخزاءهم ونصر المؤمنين عليهم وشفاء صدورهم بالانتقام منهم وذهاب غيظ قلوبهم مما آذوهم به أمر مقصود للشارع مطلوب في الدين ومعلوم أن هذا المقصود لا يحصل ممن سب النبي صلى الله عليه وسلم وآذى الله تعالى ورسوله وعباده المؤمنين إلا بقتله لا يحصل بمجرد استرقاقه ولا بالمن عليه والمفادة به.
وكذلك أيضا تنكيل غيره من الكفار الذين قد يريدون إظهار السب لا يحصل على سبيل التمام إلا بذلك ولا يعارض هذا من نقض العهد في طائفة ممتنعة إذا أسرنا واحدا منهم لأن قتال أولئك والظهور عليهم يحصل هذا المقصود بخلاف ما كان في أيدينا قبل السب وبعده فإن لم نحدث فيه قتالا لم يحصل هذا المقصود.
وجماع ذلك أن ناقض العهد لا بد له من قتال أو قتل إذ لا يحصل المقصود إلا بذلك وهذا الوجه وإن كان فيه عموم لكل من نقض