المرأة لا يجوز إلا إذا قاتلت وهو صلى الله عليه وسلم قد آمن جميع أهل مكة من كان قد قاتل ونقض العهد من الرجال والنساء علم بذلك أن الهجاء جناية زائدة على مجرد القتال والحراب لأن التفريق بين المتامثلين لا يقع من النبي صلى الله عليه وسلم كما أنه أمر بقتل ابن خطل لأنه كان قد قتل مسلما ولأنه كان مرتدا ولأنه كان يأمر بهجائه وكل واحد من القتل والردة والأمر بهجائة جناية زائدة على مجرد الكفر والحراب ومما يبين ذلك أنه قد كان أمر بقتل من كان يؤذيه بعد فتح مكة مثل ابن الزبعرى وكعب بن زهير والحويرث بن نقيد وابن خطل وغيرهم مع أمانه لسائر أهل البلد وكذلك أهدر دم أبي سفيان بن الحارث وامتنع من إدخاله عليه وإدخال عبد الله بن أبي أمية لما كانا يقعان في عرضه وقتل ابن أبي معيط والنضر بن الحارث دون غيرهما من الأسرى وسمى من يبذل نفسه في قتله ناصرا لله ورسوله وكان يندب إلى قتل من يؤذيه ويقول:"من يكفيني عدوي" وكذلك أصحابه يسارعون إلى قتل من آذاه بلسانه وإن كان أبا أو غيره وينذرون قتل من ظفروا به من هذا الضرب وقد تقدم من بيان ذلك ما فيه بلاغ ومن المعلوم أن هؤلاء لو كانوا بمنزلة سائر الكفار الذين لا عهد لهم لم يقتلهم ولم يأمر بقتلهم في مثل هذه الأوقات التي آمن فيها الناس وكف عمن هو مثلهم فعلم أن السب جناية زائدة على الكفر وقد تقدم تقرير ذلك في المسألة الأولى على وجه يقطع العاقل أن سب الرسول صلى الله عليه وسلم جناية لها موقع يزيد على سائر الجنايات بحيث يستحق صاحبها من العقوبة ما لا يستحقه غيره وإن كان كافرا حربيا مبالغا في محاربة المسلمين وأن وجوب الانتصار ممن كان هذه حاله كان مؤكدا في الدين والسعي في إهدار دمه من أفضل الأعمال وأوجبها وأحقها بالمسارعة إليه وابتغاء رضوان الله تعالى فيه وأبلغ الجهاد الذي كتبه الله على عباده وفرضه عليهم ومن تأمل الذين أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دماءهم يوم الفتح واشتد غضبه عليهم حتى قتل بعضهم في نفس الحرم وأعرض