عن بعضهم وانتظر قتل بعضهم وجد لهم جرائم زائدة على الكفر والحراب من ردة وقتل ونحو ذلك وجرم أكثرهم إنما كان من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذاه بألسنتهم فأي دليل أوضح من هذا على أن سبه وهجاءه جناية زائدة على الكفر والحراب لا يدخل في ضمن الكفر كما يدخل سائر المعاصي في ضمن الكفر وعلى أن المعاهدين إذا نقضوا العهد وفيهم من سب النبي صلى الله عليه وسلم كان للسب عقوبة زائدة على عقوبة مجرد نقض العهد؟.
ومما يدل على أن السب جناية زائدة على كونه كفرا وحرابا وإن كان متضمنا لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يعفو عمن يؤذيه من المنافقين كما تقدم بيانه وقد كان له أن يقتلهم كما تقدم ذكره في حديث أبي بكر وغيره ولو كان السب مجرد ردة لوجب قتله كالمرتد يجب قتله فعلم أنه قد تغلب في السب حق النبي صلى الله عليه وسلم بحيث يجوز له العفو عنه.
ومما يدل على أن السب جناية مفردة أن الذمي لو سب واحدا من المسلمين أو المعاهدين ونقض العهد لكان سب ذلك الرجل جناية عليه يستحق بها من العقوبة ما لا يستحقه بمجرد نقض العهد فيكون سب رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سب واحد من البشر.
ومما يدل على ذلك أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم وشاتمه يؤذيه شتمه وهجائه كما يؤذيه التعرض لدمه وماله قال الله تعالى لما ذكر الغيبة:{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} فجعل الغيبة التي هي كلام صحيح بمنزلة أكل لحم المغتاب ميتا فكيف ببهتانه؟ وسب النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا بهتانا.