وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لعن المؤمن كقتله" وكما يؤذي ذلك غيره من البشر.
وأيضا فإن ذلك يؤذي جميع المؤمنين ويؤذي الله سبحانه وتعالى ومجرد الكفر والمحاربة لا يحصل بهما من أذاه ما يحصل بالوقيعة في العرض مع المحاربة فلو قيل:"إن الواقع في عرضه ممن انتقض عهده بمنزلة غيره ممن انتقض عهده" لكانت الوقيعة في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذاه بذلك جرما لا جزاء له من حيث خصوص النبي صلى الله عليه وسلم وخصوص أذاه كما لو قتل رجل نبيا من الأنبياء فإن لقتله من العقوبة ما لا يستحق على مجرد الكفر والمحاربة وهذا كله ظاهر لا خفاء به فإن دماء الأنبياء وأعراضهم أجل من دماء المؤمنين وأعراضهم فإذا كان دماء غيرهم وأعراضهم لا تندرج عقوبتها في عقوبة مجرد نقض العهد فأن لا تندرج عقوبة دمائهم وأعراضهم في عقوبة نقض العهد بطريق الأولى.
ومما يوضح ذلك أن سب النبي صلى الله عليه وسلم تعلق به عدة حقوق: حق الله سبحانه من حيث كفر برسوله وعادى أفضل أوليائه وبارزه بالمحاربة ومن حيث طعن في كتابه ودينه فإن صحتهما موقوفة على صحة الرسالة ومن حيث طعن في ألوهيته فإن الطعن في الرسول طعن في المرسل وتكذيبه تكذيب لله تبارك وتعالى وإنكار لكلامه وأمره وخبره وكثير من صفاته وتعلق به حق جميع المؤمنين من هذه الأمة ومن غيرها من الأمم فإن جميع المؤمنين مؤمنون به خصوصا أمته فإن قيام أمر دنياهم ودينهم وآخرتهم به بل عامة الخير الذي يصيبهم في الدنيا والآخرة بواسطته وسفارته فالسب له أعظم عندهم من سب أنفسهم وآباءهم وأبناءهم وسب جميعهم كما أنه أحب إليهم من أنفسهم وأولادهم وآبائهم والناس