أجمعين وتعلق به حق رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث خصوص نفسه فإن الإنسان تؤذيه الوقيعة في عرضه أكثر مما يؤذيه أخذ ماله وأكثر مما يؤذيه الضرب بل ربما كانت عنده أعظم من الجرح ونحوه خصوصا من يجب عليه أن يظهر للناس كمال عرضه وعلو قدره لينتفعوا بذلك في الدنيا والآخرة فإن هتك عرضه قد يكون أعظم عنده من قتله فإن قتله لا يقدح عند الناس في نبوته ورسالته وعلو قدره كما أن موته لا يقدح في ذلك بخلاف الوقيعة في عرضه فإنها قد تؤثر في نفوس بعض الناس من النفره عنه وسوء الظن به ما يفسد عليهم إيمانهم ويوجب لهم خسارة الدنيا والآخرة فكيف يجوز أن يعتقد عاقل أن هذه الجناية بمنزلة ذمي كان في ديار المسلمين فلحق ببلاد الكفار مستوطنا لها مع أن ذلك اللحاق ليس في خصوصه حق لله ولا لرسوله ولا لأحد من المسلمين؟ أكثر ما فيه أن الرجل كان معتصما بحبلنا فخرق تلك العصمة فإنما أضر بنفسه لا بأحد من المؤمنين.
فعلم بذلك أن السب فيه من الأذى لله ولرسوله ولعباده المؤمنين ما ليس في الكفر والمحاربة وهذا ظاهر إن شاء الله.
إذا ثبت ذلك فنقول: هذه الجناية جناية السب موجبها القتل لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: "من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله" فعلم أن من آذى الله ورسوله كان حقه أن يقتل ولما تقدم من إهدار النبي صلى الله عليه وسلم دم المرأة السابة مع أنها لا تقتل لمجرد نقض العهد ولما تقدم من أمره صلى الله عليه وسلم بقتل من كان يسبه مع إمساكه عمن هو بمنزلته في الدين وندبه الناس إلى ذلك والثناء على من سارع في ذلك ولما تقدم من الحديث المرفوع