قلنا: لا فرق في التخيير بين الأربعة قبل التوبة التي هي الإقلاع وبعده عند من يقول به وإنما أراد المخالف أن يقيس على صورة تشبه صور النزاع وهي الحكم فيه بعد التوبة إذا كان قبل التوبة قد ثبت جواز قتله.
على أن توبة الذمي الناقض للعهد لها صورتان:
إحداهما: أن يسلم فإن إسلامه توبة من الكفر وتوابعه.
والثانية: أن يرجع إلى الذمة تائبا من الذنب الذي أحدثه حتى انتقض عهده فهذه توبة من نقض العهد فإذا تاب هذه التوبة وهو مقدور عليه جاز للإمام أن يقبل توبته حيث يكون حكمه حكم الأسير كما أن الأسير إذا طلب أن تعقد له الذمة جاز أن يجاب إلى ذلك.
فألزم المخالف القاضي على طريقته أن الناقض التائب من الناقض يخير الإمام فيه فهلا خيرتموه في الساب إذا تاب توبة يمكن التخيير بعدها بأن يقلع عن السب ويطلب عقد الذمة له ثانيا فلذلك قيل في هذه الصورة: هلا خير الإمام فيه بعد التوبة وإن كان في صورة أخرى لا يمكن التخيير بعد توبة هي الإسلام.
وقد تقدم ذكر ذلك وقد قدمنا أيضا أن الصحيح أنه لا يخير فيمن نقض العهد بما يضر المسلمين بحال وقد ظهر أن الرواية الأخرى التي حكوها في الفرق بين المسلم والكافر مخرجة من نصه على الفرق بين الساحر الكافر والساحر المسلم وذلك أنه قد قال في الساحر الذمي: لا يقتل ما هو عليه من الكفر أعظم واستدل بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل لبيد بن أعصم لما سحره والساحر المسلم يقتل عنده لما جاء في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمر وعثمان وابن عمر وحفصة رضي الله عنهم من الأحاديث ووجه الترجيح أن