ما الكافر عليه من الشرك أعظم مما هو عليه من السب والسحر فنسبة السب والسحر إليه واحدة بخلاف المسلم فإذا قتل الساحر المسلم دون الذمي فكذلك الساب الذمي دون المسلم لكن السب ينقض العهد فيجوز قتله لأجل نقض العهد فإذا أسلم امتنع قتله لنقض العهد وهو لا يقتل لخصوص السب كما لا يقتل لخصوص السحر فيبقى دمه معصوما.
وقد حكى هذه الرواية الخطابي عن الإمام أحمد نفسه فقال: قال مالك بن أنس: "من شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم" وكذلك قال أحمد بن حنبل وحكى آخرون من أصحابنا رواية عن الإمام أحمد أن المسلم تقبل توبته من السب بأن يسلم ويرجع عن السب كذلك ذكر أبو الخطاب في "الهداية" ومن احتذى حذوه من متأخري أصحابنا في ساب الله ورسوله من المسلمين: هل تقبل توبته أم يقتل بكل حال؟ روايتان.
فقد تلخص أن أصحابنا حكوا في الساب إذا تاب ثلاث روايات.
إحداهن: يقتل بكل حال وهي التي نصروها كلهم ودل عليها كلام الإمام أحمد في نفس هذه المسألة وأكثر محققيهم لم يذكروا سواها.
والثانية: تقبل توبته مطلقا.
والثالثة: تقبل توبة الكافر ولا تقبل توبة المسلم وتوبة الذمي التي تقبل إذا قلنا بها أن يسلم فأما إذا أقلع وطلب عقد الذمة له ثانيا لم يعصم ذلك دمه رواية واحدة كما تقدم.
وذكر أبو عبد الله السامري أن من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين فهل تقبل توبته؟ على روايتين قال:"ومن سبه من أهل الذمة قتل وإن أسلم" ذكره ابن أبي موسى فعلى ظاهر كلامه يكون الخلاف في المسلم