وقد صرح في رواية عبد الله بأن من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجب عليه القتل ولا يستتاب فتبين أن القتل قد وجب وما وجب من القتل لم يسقط بحال.
يؤيد هذا أنه قد قال في ذمي فجر بمسلمة: يقتل قيل له: فإن أسلم؟ قال: يقتل هذا قد وجب عليه فتبين أن الإسلام لا يسقط القتل الواجب وقد ذكر في الساب أنه قد وجب عليه القتل.
وأيضا فإنه أوجب على الزاني بمسلمة بعد الإسلام القتل الذي وجب عقوبة على الزنى بمسلمة حتى إنه يقتله سواء كان حرا أو عبدا أو محصنا أو غير محصن كما قد نص عليه في مواضع ولم يسقط ذلك القتل بالإسلام ويوجب عليه مجرد حد الزنا لأنه أدخل على المسلمين من الضرر والمعرة ما أوجب قتله ونقض عهده فإذا أسلم لم تزل عقوبة ذلك الإضرار عنه كما لا تزول عنه عقوبة قطعه للطريق لو أسلم ولم يجز أن يقال: هو بعد الإسلام كمسلم فعل ذلك يفعل به ما يفعل بالمسلم لأن الإسلام يمنع ابتداء العقوبة ولا يمنع دوامها لأن الدوام أقوى كما لو قتل ذمي ذميا ثم أسلم قتل ولو قتله وهو مسلم لم يقتل.
ولهذا ينتقض عهد الذمي بأشياء: مثل الزنا بالمسلمة وإن لم يكن محصنا وقتل أي مسلم كان والتجسس للكفار وقتال المسلمين واللحاق بدار الحرب وإن كان المسلم لا يقتل بهذه الأشياء على الإطلاق فإذا وجب قتل الذمي بها عينا ثم أسلم كان كما لو وجب قتله بذمي ثم أسلم إذ لا فرق بين أن يجب عليه حد لا يجب على المسلم فيسلم أو يجب عليه قصاص لا يجب على المسلم فيسلم فإن القصاص في اندرائه بالإسلام كالحدود وهو يسقط بالشبهة حكما يمنع الإسلام ابتداءه دون دوامه فكذلك العقوبات الواجبة على المعاهد