وهذا ينبني على قولنا: يتعين قتل الذمي إذا فعل هذه الأشياء وأن لخصوص هذه الجنايات أثرا في قتله وراء كونه كافرا غير ذي عهد ويقتضي أن قتله حد من الحدود التي تجب على أهل دار الإسلام من مسلم ومعاهد ليس بمنزلة رجل من أهل دار الحرب أخذ أسيرا إذ ذاك المقصود بقتله تطهير دار الإسلام من فساد هذه الجنايات وحسم مادة جناية المعاهدين وإذا كان قد نص على أن لا تزول عنه عقوبة ما أدخله على المسلمين من الضرر في زناه بالمسلمة فأن لا تزول عنه عقوبة إضراره بسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى لأن ما يلحق المسلمين من المضرة في دينهم بسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما يلحق بالزنا بمسلمة إذا أقيم على الزاني الحد.
ونصه هذا يدل على أن الذمي إذا قذف رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سبه ثم أسلم قتل بذلك ولم يقم عليه مجرد حد قذف واحد من الناس وهو ثمانون أو سب واحد من الناس وهو التعزير كما أنه لم يوجب على من زنى بمسلمة إذا أسلم حد الزنا وإنما أوجب القتل الذي كان واجبا وعلى الرواية الأخرى التي خرجها القاضي في كتبه القديمة ومن اتبعه فإن الذمي يستتاب من السب فإن تاب وإلا قتل.
وكذلك يستتاب المسلم على الرواية التي ذكر أبو الخطاب وغيره كما يستتاب الزنديق والساحر ولم أجد للاستتابة في كلام الإمام أحمد أصلا فأما استتابة المسلم فظاهرة كاستتابة من ارتد بكلام تكلم به وأما استتابة الذمي فإن يدعى إلى الإسلام فأما استتابة بالعود إلى الذمة فلا يكفي على المذهب لأن قتله متعين.
فأما على الوجه المضطرب الذي يقال فيه:"أن الإمام يخير فيه" فيشرع استتابته بالعود إلى الذمة لأن إقراره بها جائز بعد هذا لكن لا تجب هذه