فيقتل بحد أو قصاص لا نقض عهد وإن فعل مما وصفنا وشرط أنه نقض لعهد الذمة فلم يسلم ولكنه قال:"أتوب وأعطي الجزية كما كنت أعطيها أو على صلح أجدده" عوقب ولم يقتل إلا أن يكون فعل فعلا يوجب القصاص أو القود فأما ما دون هذا من الفعل أو القول فكل قول فيعاقب عليه ولا يقتل قال: فإن فعل أو قال مما وصفنا وشرط أنه يحل دمه فظفرنا به فامتنع من أن يقول: "أسلم أو أعطي الجزية" قتل وأخذ ماله فيئا فقد ذكر أن من نقض العهد فإنه تقبل توبته إما بأن يسلم أو بأن يعود إلى الذمة.
وذكر الخطابي قال: قال مالك بن أنس: "من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم" وكذلك قال أحمد بن حنبل وقال الشافعي: "يقتل الذمي إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم وتبرأ منه الذمة" واحتج في ذلك بخبر كعب بن الأشرف وظاهر هذا القتل والاستدلال يقتضي أن لا يكف عنه إذا أظهر التوبة لأنه لم يحك عنه شيئا ولأن ابن الأشرف كان مظهرا للذمة مجيبا إلى إظهار التوبة لو قبلت منه.
والكلام في فصلين:
أحدهما: في استتابة المسلم وقبول توبة من سب النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا أن المشهور عن مالك وأحمد أنه لا يستتاب ولا تسقط القتل عنه توبته وهو قول الليث بن سعد وذكر القاضي عياض أنه المشهور من قول السلف وجمهور العلماء وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي وحكى مالك وأحمد أنه تقبل توبته وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وهو المشهور من مذهب الشافعي بناء على قبول توبة المرتد فنتكلم أولا في قبول توبته والذي عليه عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين أنه تقبل توبة المرتد في الجملة وروي عن الحسن البصري أنه يقتل وإن أسلم جعله كالزاني والسارق وذكر عن أهل الظاهر نحو ذلك أن توبته تنفعه عند الله ولكن لا يدرأ القتل عنه