إلا أن يسلم قاله مالك غير مرة ولم يقل: يستتاب قال ابن القاسم ومحمد: قوله عندي إن أسلم طائعا وعلى هذا فإذا أسلم بعد أن يؤخذ وثبت عليه السب ويعلم أنهم يريدون قتله إن لم يسلم لم يسقط عنه القتل لأنه مكره في هذه الحال والرواية الثانية: لا يدرأ عنه إسلامه القتل قال محمد بن سحنون: وحد القذف وشبهه من حقوق العباد لا يسقط عن الذمي بإسلامه وإنما تسقط عنه بإسلامه حدود الله فأما حد القذف فحد للعباد كان ذلك من نبي أو غيره.
وأما مذهب الشافعي رضي الله عنه فلهم في ساب النبي صلى الله عليه وسلم وجهان أحدهما: هو كالمرتد إذا تاب سقط عنه القتل وهذا قول جماعة منهم وهو الذي يحكيه أصحاب الخلاف عن مذهب الشافعي والثاني: أن حد من سبه القتل فكما لا يسقط حد القذف بالتوبة لا يسقط القتل الواجب بسب النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة قالوا: ذكر ذلك أبو بكر الفارسي وادعى فيه الإجماع ووافقه الشيخ أبو بكر القفال وقال الصيدلاني قولا ثالثا وهو أن الساب بالقذف مثلا يستوجب القتل للردة لا للسب فإن تاب زال القتل الذي هو موجب الردة وجلد ثمانين للقذف ولهذا الوجه لو كان السب غير قذف عزر بحسبه ثم منهم من ذكر هذا الخلاف في المسلم إذا سب ثم أسلم ولم يتعرض للكلام في الذمي إذا سب ثم أسلم ومنهم من ذكر الخلاف في الذمي كالخلاف في المسلم إذا جدد الإسلام بعد السب ومنهم من ذكر في الذمي إذا سب ثم أسلم أنه يسقط عنه القتل وهو الذي حكاه أصحاب الخلاف عن مذهب الشافعي وعليه يدل عموم كلام الشافعي في موضع من "الأم" فإنه قال بعد أن ذكر نواقض العهد وذكر فيها سب النبي صلى الله عليه وسلم: وأيهم قال أو فعل شيئا مما وصفته نقضا للعهد وأسلم لم يقتل إذا كان ذلك قولا وكذلك إذا كان فعلا لم يقتل إلا أن يكون في دين المسلم أن من فعله قتل حدا أو قصاصا