للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ} فأخبر سبحانه أن من ازداد كفرا بعد إيمانه لن تقبل توبته وفرق بين الكفر المزيد كفرا والكفر المجرد في قبول التوبة من الثاني دون الأول فمن زعم أن كل كفر بعد الإيمان تقبل منه التوبة فقد خالف نص القرآن.

وهذه الآية إن كان قد قيل فيها إن ازدياد الكفر المقام عليه إلى حين الموت وإن التوبة المنفية هي توبته عند الغرغرة أو يوم القيامة فالآية أعم من ذلك.

وقد رأينا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقت بين النوعين فقبل توبة جماعة من المرتدين ثم إنه أمر بقتل مقيس بن حبابة يوم الفتح من غير استتابة لما ضم إلى ردته قتل المسلم وأخذ المال ولم يتب قبل القدرة عليه وأمر بقتل العرنيين لما ضموا ردتهم نحوا من ذلك وكذلك أمر بقتل ابن خطل لما ضم إلى ردته السب وقتل المسلم وأمر بقتل ابن أبي سرح لما ضم إلى ردته الطعن عليه والافتراء وإذا كان الكتاب والسنة قد حكما في المرتدين بحكمين ورأينا أن من ضر وآذى بالردة أذى يوجب القتل لم يسقط عنه القتل إذا تاب بعد القدرة عليه وإن تاب مطلقا دون من بدل دينه فقط لم يصح القول بقبول توبة المرتد مطلقا وكان الساب من القسم الذي لا يجب أن تقبل توبته كما دلت عليه السنة في قصة ابن أبي سرح ولأن السب إيذاء عظيم للمسلمين أعظم عليهم من المحاربة باليد كما تقدم تقريره فيجب أن يتحتم عقوبة فاعله ولأن المرتد المجرد إنما نقتله لمقامه على التبديل فإذا عاود الدين الحق زال المبيح لدمه كما يزول المبيح لدم الكافر الأصلي

<<  <   >  >>