للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بإسلامه وهذا الساب أتى من الأذى لله ورسوله بعد المعاهدة على ترك ذلك بما أتى به وهو لا يقتل لمقامه عليه فإن ذلك ممتنع فصار قتله كقتل المحارب باليد.

وبالجملة فمن كانت ردته محاربة لله ورسوله بيد أو لسان فقد دلت السنة المفسرة للكتاب أنه من كفر كفرا مزيدا لا تقبل توبته منه.

الوجه الثالث: أن الردة قد تتجرد عن السب فلا تتضمنه ولا تستلزمه كما تتجرد عن قتل المسلمين وأخذ أموالهم إذ السب والشتم إفراط في العداوة وإبلاغ في المحادة مصدره شدة سفه الكافر وحرصه على فساد الدين وإضرار أهله ولربما صدر عمن يعتقد النبوة والرسالة لكن لم يأت بموجب هذا الاعتقاد من التوقير والانقياد فصار بمنزلة إبليس حيث اعتقد ربوبية الله سبحانه بقوله (رب) وقد أيقن أن الله أمره بالسجود ثم لم يأت بموجب هذا الاعتقاد من الاستسلام والانقياد بل استكبر وعاند معاندة معارض طاعن في حكمة الآمر.

ولا فرق بين من يعتقد أن الله ربه وأن الله أمره بهذا الأمر ثم يقول: إنه لا يطيعه لأن أمره ليس بصواب ولا سداد وبين من يعتقد أن محمدا رسول الله وأنه صادق واجب الإتباع في خبره وأمره ثم يسبه أو يعيب أمره أو شيئا من أحواله أو تنقصه انتقاصا لا يجوز أن يستحقه الرسول وذلك أن الإيمان قول وعمل فمن اعتقد الوحدانية في الألوهية لله سبحانه وتعالى والرسالة لعبده ورسوله ثم لم يتبع هذا الاعتقاد موجبه من الإجلال والإكرام والذي هو حال في القلب يظهر أثره على الجوارح بل قارنه الاستخفاف والتسفيه والازدراء بالقول أو بالفعل كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه وكان ذلك موجبا لفساد ذلك الاعتقاد ومزيلا لما فيه من المنفعة والصلاح إذ الاعتقادات الإيمانية تزكي النفوس وتصلحها فمتى لم توجب

<<  <   >  >>