للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

زكاة النفس ولا صلاحا فما ذاك إلا لأنها لم ترسخ في القلب ولم تصر صفة ونعتا للنفس وصلاحا وإذا لم يكن علم الإيمان المفروض صفة لقلب الإنسان لازمة لم ينفعه فإنه يكون بمنزلة حديث النفس وخواطر القلب والنجاة لا تحصل إلا بيقين في القلب ولو أنه مثقال ذرة.

هذا فيما بينه وبين الله وأما في الظاهر فتجري الأحكام على ما يظهره من القول والفعل.

والغرض بهذا التنبيه على أن الاستهزاء بالقلب والانتقاص ينافي الإيمان الذي في القلب منافاة الضد ضده والاستهزاء باللسان ينافي الإيمان الظاهر باللسان كذلك.

والغرض بهذا التنبيه على أن السب الصادر عن القلب يوجب الكفر ظاهرا وباطنا.

هذا مذهب الفقهاء وغيرهم من أهل السنة والجماعة خلاف ما يقوله بعض الجهمية والمرجئة القائلين بأن الإيمان هو المعرفة والقول بلا عمل من أعمال القلب من أنه إنما ينافيه في الظاهر وقد يجامعه في الباطن وربما يكون لنا إن شاء الله تعالى عودة إلى هذا الموضع.

والغرض هنا أنه كما أن الردة تتجرد عن السب فكذلك قد تتجرد عن قصد تبديل الدين وإرادة التكذيب بالرسالة كما تجرد كفر إبليس عن قصد التكذيب بالربوبية وإن كان عدم هذا القصد لا ينفعه كما لا ينفع من قال: الكفر أن لا يقصد أن يكفر.

وإذا كان كذلك فالشارع إذا أمر بقبول توبة من قصد تبديل دينه الحق وغير اعتقاده وقوله فإنما ذاك لأن المقتضى للقتل الاعتقاد الطارىء وإعدام الاعتقاد الأول فإذا عاد ذلك الاعتقاد الإيماني وزال هذا الطارئ كان بمنزلة الماء والعصير: يتنجس بتغيره ثم يزول التغير فيعود حلالا لأن الحكم

<<  <   >  >>