على هذه المسألة فقال: من كفر بعد إيمانه وازداد كفرا بسب الرسول ونحوه لم تقبل توبته خصوصا من استمر به ازدياد الكفر إلى أن ثبت عليه الحد وأراد السلطان قتله فهذا قد يقال: إنه ازداد كفرا إلى أن رأى أسباب الموت وقد يقال فيه: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} إلى قوله: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} وأما قوله سبحانه وتعالى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} فإنه يغفر لهم ما قد سلف من الآثام وأما من الحدود الواجبة على مسلم مرتد أو معاهد فإنه يجب استيفاؤها بلا تردد على أن سياق الكلام يدل أنها في الحربي.
ثم نقول: الانتهاء إنما هو الترك قبل القدرة كما في قوله تعالى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} إلى قوله: {أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً} فمن لم يتب حتى أخذ فلم ينته ويقال أيضا: إنما تدل الآية على أنه يغفر لهم وهذا مسلم وليس كل من غفر له سقطت العقوبة عنه في الدنيا فإن الزاني أو السارق لو تاب توبة نصوحا غفر الله له ولا بد من إقامة الحدود عليه وقوله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يجب ما قبله" كقوله: "التوبة تجب ما قبلها" ومعلوم أن التوبة بعد القدرة لا تسقط الحد كما دل عليه القرآن وذلك أن الحديث خرج جوابا لعمرو بن العاص لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي فقال: "يا عمرو أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن التوبة تهدم ما كان قبلها وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله" فعلم أنه عنى