بذلك أنه يهدم الآثام الذنوب التي سأل عمرو مغفرتها ولم يجر للحدود ذكر وهي لا تسقط بهذه الأشياء بالاتفاق وقد بين صلى الله عليه وسلم في حديث ابن أبي سرح أن ذنبه سقط بالإسلام وأن القتل إنما سقط عنه يعفو النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم ولو فرض أنه عام فلا خلاف أن الحدود لا تسقط عن الذمي بإسلامه وهذا منها كما تقدم.
وأما قوله سبحانه وتعالى:{إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ} فالجواب عنها من وجوه:
أحدها: أنه ليس في الآية دليل على أن هذه الآية نزلت فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم وشتمه وإنما فيها أنها نزلت في المنافقين وليس كل منافق يسبه ويشتمه فإن الذي يشتمه من أعظم المنافقين وأقبحهم نفاقا وقد ينافق الرجل بأن لا يعتقد النبوة وهو لا يشتمه كحال كثير من الكفار ولو أن كل منافق بمنزلة من شتمه لكان كل مرتد شاتما ولاستحالت هذه المسألة وليس الأمر كذلك فإن الشتم قدر زائد على النفاق والكفر على ما لا يخفى وقد كان ممن هو كافر من يحبه ويوده ويصطنع إليه المعروف خلق كثير وكان ممن يكف عنه أذاه من الكفار خلق أكثر من أولئك وكان ممن يحاربه ولا يشتمه خلق آخرون بل الآية تدل على أنها نزلت في منافقين غير الذين يؤذونه فإنه سبحانه وتعالى قال: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} إلى قوله: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُون وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}