للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأعم ثبوت الأخص لكن فيما ذكر من سبب نزولها ما يدل على أنها نزلت فيمن سب فيبطل هذا.

الوجه الثاني: أنه سبحانه وتعالى إنما عرض التوبة على الذين يحلفون بالله ما قالوا وهذا حال من أنكر أن يكون تكلم بكفر وحلف على إنكاره فأعلم الله نبيه أنه كاذب في يمينه وهذا كان شأن كثير ممن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم عنه الكلمة من النفاق ولا تقوم عليه به بينة ومثل هذا لا يقام عليه حد إذ لم يثبت عليه في الظاهر شيء والنبي صلى الله عليه وسلم إنما يحكم في الحدود ونحوها بالظاهر والذي ذكروه في سبب نزولها من الوقائع كلها إنما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما قالوه بخبر واحد إما حذيفة أو عامر بن قيس أو زيد بن أرقم أو غير هؤلاء أو أنه أوحي إليه وحي بحالهم وفي بعض التفاسير أن المحكي عنه هذه الكلمة الجلاس بن سويد اعترف بأنه قالها وتاب من ذلك من غير بينة قامت عليه فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك منه وهذا كله دلالة واضحة على أن التوبة من مثل هذا مقبولة وهي توبة من ثبت عليه نفاق وهذا لا خلاف فيه إذا تاب فيما بينه وبين الله سرا كما نافق سرا أنه تقبل توبته ولو جاء مظهرا لنفاقه المتقدم ولتوبته منه من غير أن تقوم عليه بينه بالنفاق قبلت توبته أيضا على القول المختار كما تقبل توبة من جاء مظهرا للتوبة من زنى أو سرقة ولم يثبت عليه على الصحيح وأولى من ذلك وأما من ثبت نفاقه بالبينة فليس في الآية ولا فيما ذكر من سبب نزولها ما يدل على قبول توبته بل وليس في نفس الآية ما يدل على ظهور التوبة بل يجوز أن يحمل على توبته فيما بينه وبين الله فإن ذلك نافع وفاقا وإن أقيم عليه الحد كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ} وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ

<<  <   >  >>