سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً} وقال تعالى:{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} وقال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} وقال تعالى: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} إلى غير ذلك من الآيات مع أن هذا لا يوجب أن يسقط الحد الواجب بالبينة عمن أتى فاحشة موجبة للحد أو ظلم نفسه بشرب أو سرقة فلو قال من لم يسقط الحد عن المنافق سواء ثبت نفاقه ببينه أو إقرار "ليس في الآية ما يدل على سقوط الحد عنه" لكان لقوله مساغ.
الوجه الثالث: أنه قال سبحانه وتعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} إلى قوله: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا} الآية وهذا تقرير لجهادهم وبيان لحكمته وإظهار لحالهم المقتضي لجهادهم فإن ذكر الوصف المناسب بعد الحكم يدل على أنه علة له وقوله: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا} وصف لهم وهو مناسب لجهادهم فإن كونهم يكذبون في أيمانهم ويظهرون الإيمان ويبطنون الكفر موجب للإغلاظ عليهم بحيث لا يقبل منهم ولا يصدقون فيما يظهرونه من الإيمان بل ينتهرون ويرد ذلك عليهم.
وهذا كله دليل على أنه لا يقبل ما يظهره من التوبة بعد أخذه إذ لا فرق بين كذبه فيما يخبر به عن الماضي أنه لم يكفر وفيما يخبره من الحاضر أنه ليس بكافر فإذا بين سبحانه وتعالى من حالهم ما يوجب أن لا يصدقوا وجب أن لا يصدق