في إخباره أنه ليس بكافر بعد ثبوت كفره بل يجري عليه حكم قوله تعالى:{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} لكن بشرط أن يظهر كذبه فيها فأما بدون ذلك فإنا لم نأمر أن ننقب عن قلوب الناس ولا نشق بطونهم وعلى هذا فقوله تعالى: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ} أي قبل ظهور النفاق وقيام البينة به عند الحاكم حتى يكون للجهاد موضع وللتوبة موضع وإلا فقبول التوبة الظاهرة في كل وقت يمنع الجهاد لهم بالكلية.
الوجه الرابع: أنه سبحانه وتعالى قال بعد ذلك: {وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} وفسر ذلك في قوله تعالى: {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} وهذا يدل على أن هذه التوبة قبل أن نتمكن من تعذيبهم بأيدينا لأن من تولى عن التوبة حتى أظهر النفاق وشهد عليه به وأخذ فقد تولى عن التوبة التي عرضها الله عليه فيجب أن يعذبه الله عذابا أليما في الدنيا والقتل عذاب أليم فيصلح أن يعذب به لأن المتولي أبعد أحواله أن يكون ترك التوبة إلى أن لا يتركه الناس لأنه لو كان المراد به تركها إلى الموت لم يعذب في الدنيا لأن عذاب الدنيا قد فات فلا بد أن يكون التولي ترك التوبة وبينه وبين الموت مهل يعذبه الله فيه كما ذكره سبحانه فمن تاب بعد الأخذ ليعذب فهو ممن لم يتب قبل ذلك بل تولى فيستحق أن يعذبه الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة ومن تأمل هذه الآية والتي قبلها وجدهما دالتين على أن التوبة بعد أخذه لا ترفع عذاب الله عنه.
وأما كون هذه التوبة مقبولة فيما بينه وبين الله وإن تضمنت التوبة من