للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عرض الرسول فنقول أولا وإن كان حق هذا الجواب أن يؤخر إلى المقدمة الثانية: هذا القدر لا يمنع إقامة الحد عليه إذا رفع إلينا ثم أظهر التوبة بعد ذلك كما أن الزاني والشارب وقاطع الطريق إذا تاب فيما بينه وبين الله قبل أن يرفع إلينا قبل الله توبته وإذا اطلعنا عليه ثم تاب فلا بد من إقامة الحد عليه ويكون ذلك من تمام توبته وجميع الجرائم من هذا الباب.

وقد يقال: إن المنتهك لأعراض الناس إذا استغفر لهم ودعا لهم قبل أن يعلموا بذلك رجي أن يغفر الله له على ما في ذلك من الخلاف المشهور ولو ثبت ذلك عند السلطان ثم أظهر التوبة لم تسقط عقوبته وذلك أن الله سبحانه لا بد أن يجعل للمذنب طريقا إلى التوبة فإذا كان عليه تبعات للخلق فعليه أن يخرج منها جهده ويعوضهم عنها ما يمكنه ورحمة الله من وراء ذلك ثم ذلك لا يمنع أن نقيم عليه الحد إذا ظهرنا عليه ونحن إنما نتكلم في التوبة المسقطة للحد والعقوبة لا في التوبة الماحية للذنب.

ثم نقول ثانيا: إن كان ما أتاه من السب قد صدر عن اعتقاد يوجبه فهو بمنزلة ما يصدر من سائر المرتدين وناقضي العهد من سفك دماء المسلمين وأخذ أموالهم وانتهاك أعراضهم فإنهم يعتقدون في المسلمين اعتقادا يوجب إباحة ذلك ثم إذا تابوا توبة نصوحا من ذلك الاعتقاد غفر لهم موجبه المتعلق بحق الله وحق العباد كما يغفر للكافر الحربي موجب اعتقاده إذا تاب منه مع أن المرتد أو الناقض متى فعل شيئا من ذلك قبل الامتناع أقيم عليه حده وإن عاد إلى الإسلام سواء كان لله أو لآدمي فيحد على الزنا والشرب وقطع الطريق وإن كان في زمن الردة ونقض العهد يعتقد حل ذلك الفرج لكونه وطئه بملك اليمين إذا قهر مسلمة على نفسها ويعتقد حل دماء المسلمين وأموالهم

<<  <   >  >>