كان السب صادرا عن غير اعتقاد بل سبه مع اعتقاد نبوته أو سبه بأكبر مما يوجبه اعتقاده أو بغير ما يوجبه اعتقاده فهذا من أعظم الناس كفرا بمنزلة إبليس وهو من نوع العناد أو السفه وهو بمنزلة من شتم بعض المسلمين أو قتلهم وهو يعتقد أن دمائهم وأعراضهم حرام.
وقد اختلف الناس في سقوط حد المشتوم بتوبة الشاتم قبل العلم به سواء كان نبيا أو غيره فمن اعتقد أن التوبة لا تسقط حق الآدمي له أن يمنع هنا أن توبة الشاتم في الباطن صحيحة على الإطلاق وله أن يقول: إن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يطالب هذا بشتمه مع علمه بأنه حرام كسائر المؤمنين لهم أن يطالبوا شاتمهم وسابهم بل ذلك أولى وهذا القول قوي في القياس وكثير من الظواهر تدل عليه.
ومن قال "هذا من باب السب والغيبة ونحوهما مما يتعلق بأعراض الناس وقد فات الاستحلال فليأت للمشتوم من الدعاء والاستغفار بما يزن حق عرضه ليكون ما يأخذه المظلوم من حسنات هذا بقدر ما دعا له واستغفر فيسلم له سائر عمله فكذلك من صدرت منه كلمة سب أو شتم فليكثر من الصلاة والتسليم ويقابلها بضدها" فمن قال: "إن ذلك يوجب قبول التوبة ظاهرا وباطنا" أدخله في قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}"وأتبع السيئة الحسنة تمحها" ومن قال: "لا بد من القصاص" قال: قد أعد له من الحسنات ما يقوم بالقصاص وليس لنا غرض في تقرير واحد من القولين هنا وإنما الغرض أن الحد لا يسقط بالتوبة لأنه إن كان عن اعتقاد فالتوبة منه صحيحة مسقطة لحق الرسول في الآخرة وهي لا تسقط الحد عنه في الدنيا كما تقدم وإن كانت من غير اعتقاد ففي سقوط حق الرسول بالتوبة خلاف.